المنتخب من كتب ابن تيمية - الشيخ علوي بن عبد القادر السقاف - الصفحة ١١٧
فروض الكفايات يقوم بها من قدر عليها إذا لم يكن في إقامتها فساد يزيد على إضاعتها (خاطب الله المؤمنين بالحدود والحقوق خطابا مطلقا؛ كقوله: {والسارق والسارقة فاقطعوا} (1)، وقوله: {الزانية والزاني فاجلدوا} (2)، وقوله: {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم} (3)، وكذلك قوله: {ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا} (4)؛ لكن قد علم أن المخاطب بالفعل لا بد أن يكون قادرا عليه والعاجزون لا يجب عليهم، وقد علم أن هذا فرض على الكفاية، وهو مثل الجهاد؛ بل هو نوع من الجهاد؛ فقوله: {كتب عليكم القتال} (5)، وقوله: {وقاتلوا في سبيل الله} (6)، وقوله: {إلا تنفروا يعذبكم} (7)، ونحو ذلك: هو فرض على الكفاية من القادرين، و «القدرة»: هي السلطان؛ فلهذا وجب إقامة الحدود على ذي السلطان ونوابه.
والسنة أن يكون للمسلمين إمام واحد والباقون نوابه، فإذا فرض أن الأمة خرجت عن ذلك لمعصية من بعضها وعجز من الباقين أو غير ذلك فكان لها عدة أئمة؛ لكان يجب على كل إمام أن يقيم الحدود ويستوفي الحقوق، ولهذا قال العلماء: إن أهل البغي ينفذ من أحكامهم ما ينفذ من

(١١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 ... » »»