المنتخب من كتب ابن تيمية - الشيخ علوي بن عبد القادر السقاف - الصفحة ١١٨
أحكام أهل العدل، وكذلك لو شاركوا الإمارة وصاروا أحزابا لوجب على كل حزب فعل ذلك في أهل طاعتهم؛ فهذا عند تفرق الأمراء وتعددهم، وكذلك لو لم يتفرقوا، لكن طاعتهم للأمير الكبير ليست طاعة تامة؛ فإن ذلك أيضا إذا أسقط عنه إلزامهم بذلك لم يسقط عنهم القيام بذلك؛ بل عليهم أن يقيموا ذلك، وكذلك لو فرض عجز بعض الأمراء عن إقامة الحدود والحقوق أو إضاعته لذلك؛ لكان ذلك الفرض على القادر عليه.
وقول من قال: لا يقيم الحدود إلا السلطان ونوابه إذا كانوا قادرين فاعلين بالعدل، كما يقول الفقهاء: الأمر إلى الحاكم، إنما هو العادل القادر، فإذا كان مضيعا لأموال اليتامى أو عاجزا عنها؛ لم يجب تسليمها إليه مع إمكان حفظها بدونه، وكذلك الأمير إذا كان مضيعا للحدود أو عاجزا عنها لم يجب تفويضها إليه مع إمكان إقامتها بدونه.
والأصل أن هذه الواجبات تقام على أحسن الوجوه؛ فمتى أمكن إقامتها من أمير لم يحتج إلى اثنين، ومتى لم يقم إلا بعدد ومن غير سلطان أقيمت إذا لم يكن في إقامتها فساد يزيد على إضاعتها، فإنها من «باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، فإن كان في ذلك من فساد ولاة الأمر أو الرعية ما يزيد على إضاعتها؛ لم يدفع فساد بأفسد منه، والله أعلم) (1) * * *

(1) «مجموع الفتاوى» (34 / 175 - 176).
(١١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»