بأورع منه ولا أعلم منه ولا أزهد منه، بل يتجاوزون عن ذنوب أصحابهم وآثام أصدقائهم وما سلطهم الله عليه بتقواهم أو جلالتهم بل بذنوبه، وما دفع الله عنه وعن أتباعه أكثر، وما جرى عليهم إلا بعض ما يستحقون فلا تكن في ريب من ذلك، وقال أيضا في أثناء الكلام على أصول الدين: فإن برعت في الأصول وتوابعها من المنطق والحكمة والفلسفة، وآراء الأوائل ومجاراة العقول، واعتصمت مع ذلك بالكتاب والسنة وأحوال السلف، ولفقت بين العقل والنقل، فما أظنك في ذلك تبلغ رتبة ابن تيمية ولا والله تقاربها، وقد رأيت ما آل أمره إليه من الحط عليه والهجو والتضليل والتكفير بحق وبباطل، فقد كان قبل أن يدخل في هذه الصناعة منورا مضيئا على محياه سيما السلف، ثم صار مظلما مكسوفا عليه قتمة عند خلائق من الناس، ودجالا أفاكا كافرا عند أعدائه، ومبتدعا فاضلا محققا بارعا عند طوائف من عقلاء الفضلاء، وحامل راية الإسلام، وحامى حوزة الدين، ومحيي السنة عند عموم أصحابه هو ما أقول لك، انتهت عبارة الحافظ السيوطي. قال كاتبها صديق حسن خان البهوبالي: فأنت ترى كلامه في الشيخ فزنه بعقلك فإنه ظاهر التناقض، والله أعلم بالسرائر.
وقد وزنت كلام السيوطي بعقلي فلم أجد فيه تناقضا، ولكنه حكى ما يعلمه من أحوال ابن تيمية، فمدحه تارة، وذمه أخرى بحسب أوصافه التي تقتضي المدح والذم، وليس في ذلك شئ من التناقض، رحمهما الله تعالى.
ومنهم الشيخ عبد الرحمن الكزبري الدمشقي الشافعي. قال في تقريظه على كتاب [القول الجلي] للصفي البخاري المذكور سابقا بعد أن أثنى على ابن تيمية، وأن ما يعزى إليه من بعض المخالفات في الأصول والابتداع هو منه برئ كما يصرح به النقل من كلامه في مشهور مؤلفاته الدال على أنه بموافقة أهل السنة جرى، وما يعزى إليه من المخالفات في بعض الفروع والطعن في السادة الصوفية أولي الشأن العلي المعروف. فذلك مما لا نوافقه عليه ولا نسلم شيئا من ذلك إليه " والله يقول الحق وهو يهدي السبيل، انتهى كلام الكزبري، وبه يتم ما نقلته من كتاب [القول الجلي] للشيخ صفي الدين البخاري وتقاريظه.
ومنهم ملا علي القاري الحنفي. قال في شرحه على الشفاء: وقد فرط ابن تيمية من الحنابلة حيث حرم السفر لزيارة النبي صلى الله عليه وسلم كما أفرط غيره، حيث قال:
كون الزيارة قربة معلوم من الدين بالضرورة، وجاحده محكوم عليه بالكفر، ولعل