على طريقة الأشعري لأنها المشهورة في بلادنا التي رأيت عليها أهلي وقومي وبقيت أراها طريقة وسطى بين الحشو والاعتزال، ولا زلت على تلك حتى جاوزت عشرين سنة من عمري وأنا بالديار المصرية فشاع عندنا خبر ابن تيمية وما يتفق له بدمشق، وكان بها إذ ذاك علماء يقاومونه; وفي مصر والقاهرة علماء وأكابر فأحضروه واتفق له ما اتفق بسبب العقائد; ثم كتبت كلامه في التوسل والاستغاثة، وتكلم معه من هو أكبر مني ورأيته واجتمعت به كثيرا ثم عاد إلى الشام، ثم بلغنا كلامه في الطلاق، وأن من علق الطلاق على قصد اليمين. ثم حنث لا يقع عليه طلاق، ورددت عليه في ذلك، ثم بلغنا كلامه في السفر إلى زيارتك ومنعه إياه ورددت عليه في ذلك، ثم توفي وله أصحاب كثيرون يشيعون رأيه وينشرون تصانيفه، وجئت إلى دمشق كما يقال نائب شريعتك، ومن لي برضاك بذلك فأنا أقل عبيدك مسكت عن الكلام في العقائد من الجانبين لأني في نفسي أن عقولنا تضعف عن إدراك سبحات الحق جل جلاله، وأرى البقاء على الفطرة السليمة والاكتفاء بالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وأن لا ينبه العوام لشئ آخر، ومن كان عالما ينظر بما يتيسر له، والمعصوم من عصم الله. لكن الطلاق والزيارة أنا شديد الإنكار لقول ابن تيمية فيهما ظاهرا وباطنا، والعقائد لا يعجبني ما اعتمده فيها من تحريك قلوب العوام فيها، انتهت عبارة الإمام السبكي بحروفها، وهي مكتوبة بخطه بلا نقط، وهكذا جاءتني صورتها فنقطتها، أما القصيدة التي ذكرها فغير موجودة.
ومنهم الحافظ ابن حجر العسقلاني الشافعي الذي اتفقت الأمة بأسرها حتى الوهابية التابعون مذهب ابن تيمية، على جلالة قدره وغزارة علمه وتبحره في علم الكتاب والسنة وأنه خاتمة الحفاظ لم يأت بعده مثله. قال رحمه الله تعالى في [فتح الباري شرح البخاري] عند قول النبي صلى الله عليه وسلم " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد " بعد أن ذكر أن السبكي رد على ابن تيمية في مسألة تحريمه شد الرحل إلى زيارة قبر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقره على ذلك ما نصه وهي من أبشع المسائل المنقولة عن ابن تيمية، ومن جملة ما استدل به على دفع ما ادعاه غيره من الإجماع على مشروعية زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم ما نقل عن مالك أنه كره أن يقول زرت قبر النبي. صلى الله عليه وسلم، وقد أجاب عنه المحققون من أصحابه بأنه كره اللفظ أدبا، لا أصل الزيارة فإنها من أفضل الأعمال وأجل القربات الموصلة إلى ذي الجلال وأن مشروعيتها محل إجماع بلا نزاع، والله الهادي إلى الصواب. قال بعض المحققين قوله: إلا إلى ثلاثة مساجد المستثنى منه محذوف