ومن الأدلة الدالة على صحة التوسل به صلى الله عليه وسلم بعد وفاته ما ذكره العلامة السيد السمهودي في خلاصة الوفا حيث قال: روى الدارمي في صحيحه عن أبي الجوزاء قال: قحط أهل المدينة قحطا شديدا، فشكوا إلى عائشة رضي الله عنها، فقالت انظروا إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجعلوا منه كوة إلى السماء حتى لا يكون بينه وبين السماء سقف ففعلوا فمطروا حتى نبت العشب وسمنت الإبل حتى تفتقت من الشحم، فسمي عام الفتق. قال العلامة المراغي: وفتح الكوة عند الجدب سنة أهل المدينة يفتحون كوة في أسفل الحجرة وإن كان السقف حائلا بين القبر الشريف والسماء.
قال السيد السمهودي. وسنتهم اليوم فتح الباب المواجه للوجه الشريف والإجماع هناك وليس القصد إلا التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم والاستشفاع به إلى ربه لرفعة قدره عند الله تعالى.
وقال أيضا العلامة السيد السمهودي في خلاصة الوفا: إن التوسل والتشفع به صلى الله عليه وسلم وبجاهه وبركته من سنن المرسلين وسيرة السلف الصالحين، وذكر كثير من علماء المذاهب الأربعة في كتب المناسك عند ذكرهم زيارة النبي صلى الله عليه وسلم أنه يسن للزائر أن يستقبل القبر الشريف ويتوسل إلى الله تعالى في غفران ذنوبه وقضاء حاجاته ويستشفع به صلى الله عليه وسلم.
قالوا: ومن أحسن ما يقول ما جاء عن العتبى، وهو مروي أيضا عن سفيان بن عيينة وكل منهما من مشايخ الشافعي رضي الله عنه، ثم بعد أن ذكر قصة العتبى المشهورة قال:
وليس محل الاستدلال الرؤيا فإنها لا تثبت بها أحكام لاحتمال حصول الاشتباه على الرائي، وإنما محل الاستدلال كون العلماء استحسنوا للزائر الإتيان بما قاله الأعرابي: قال العلامة ابن حجر في [الجوهر المنظم] وروى بعض الحفاظ عن أبي سعيد السمعاني أنه روى عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أنهم بعد دفنه صلى الله عليه وسلم بثلاثة أيام جاءهم أعرابي فرمى بنفسه على القبر الشريف على ساكنه أفضل الصلاة والسلام، وحتى من ترابه على رأسه وقال يا رسول الله قلت فسمعنا قولك ووعيت عن الله ما وعينا عنك، وكان فيما أنزله عليك قوله تعالى (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما) وقد ظلمت نفسي وجئتك تستغفر لي إلى ربي، فنودي من القبر الشريف أن قد غفر لك وجاء ذلك عن علي أيضا من طريق أخرى، ويؤيد ذلك ما صح عنه صلى الله عليه (11 - شواهد الحق)