وكثير من النساء مع الحجاب يعرفن واجباتهن وما به يتكسبن ويقدرن على حاجاتهن المعاشية ومن راجع تواريخ الأمم العربية في صدر الإسلام وبعده وعلم مقدار ما كان عليه كثير من النساء مع الحجاب يتحقق أنه لا علاقة بينه وبين التربية التي يقصدها مؤلف هذين الكتابين فلو نظر نظرة عامة وأحاط بالمسألة التي يبحث فيها من جميع أطرافها لم يخرج في كتابيه إلى حد أباح فيه مخالطة النساء للرجال وإطلاق الحرية لهن على وجه يؤدي ويجر إلى الفساد والخلل ويعود على موضوعه بالنقض ويخرج به النساء عن التربية المقصودة ويبعدن عن الأخلاق المحمودة وطعن على العلماء والفقهاء سلفا وخلفا وعاب التشريع الذي جاء به الوحي ولوح في كتابه المرأة الجديدة إلى أن مبناه الخيال وقال ما كاد يخرجه عن دينه القويم الذي التزمه هو وآباؤه من قبل وعقدوا عليه الخناصر ولم يستطع أن يفعل كما قال في كتابيه حتى نبذهما العقلاء ظهريا وسلقوه بألسنة حداد كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون بل كان يقتصر في كتابيه على تحسين تربية النساء وتعليمهن ما به يصرن مثل الرجال أو أقرب في العلم والعمل ويفرق كما فرق الشارع في الأحكام بين مخدرة وغير مخدرة ويخطر على الجميع مخالطة الرجال إلا فيما تدعو إليه الضرورة وكما أن الرجال اتخذوا معلمين يتخذ النساء معلمات فيحصل الغرض المقصود بدون إخلال بشئ مما أوجبته الحنيفية البيضاء وبدون إحلال لشئ مما حرمته الشريعة الغراء ولا يذكر فيهما ما يتخذه المفسدون ذريعة لغاياتهم الفاسدة فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه لكن الغرض المذكور جعله لا يتصور إلا ما يوافق هواه والذي أجمعت عليه الأمة الإسلامية وصار من القضايا الأولية أن أكبر النفوس وأكملها نفوس الأنبياء والرسل فهي المعصومة عن الخطأ والزلل والغفلة والبلادة والخيانة والتعصب والميل مع الأهواء والأغراض الله أعلم حيث يجعل رسالته فهم آخذون عن الله عز وجل فكل ما جاؤوا به وبينوه من الشرائع والأحكام حق وصدق لا يأتيه الباطل
(٦)