والسنة وعليه يحمل قول القائل هذا الطعام أشبعني وهذا الماء أرواني وهذا الدواء شفاني وهذا الطبيب نفعني فكل ذلك عند أهل السنة محمول على المجاز العقلي فإن الطعام لا يشبع حقيقة والمشبع حقيقة هو الله تعالى والطعام سبب عادي فإسناد الشبع له مجاز عقلي والطعام سبب عادي لا تأثير له وهكذا بقية الأمثلة فالمسلم الموحد متى صدر منه إسناد لغير من هو له يجب حمله على المجاز العقلي والإسلام والتوحيد قرينة على ذلك المجاز كما نص على ذلك علماء المعاني في كتبهم وأجمعوا عليه وأما منع التوسل مطلقا فلا وجه له مع ثبوته في الأحاديث الصحيحة وصدوره من النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وسلف الأمة وخلقها فهؤلاء المنكرون للتوسل المانعون منه منهم من يجعله محترما ومنهم من يجعله كفرا وانمرا كا وكل ذلك باطل لأنه يؤدي إلى اجتماع معظم الأمة على ضلالة ومن تتبع كلام الصحابة وعلماء الأمة سلفها وخلفها يجد التوسل صادرا منهم بل ومن كل مؤمن في أوقات كثيرة واجتماع أكثر الأمة على محرم أو كفر لا يجوز لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح لا تجتمع أمتي على ضلالة قال بعضهم إن هذا حديث متواتر وقال تعالى كنتم خير أمة أخرجت للناس فكيف تجتمع كلها أو أكثرها على ضلالة وهي خير أمة أخرجت للناس فاللائق بهؤلاء المنكرين إذا أرادوا سد الذريعة ومنع الناس من الألفاظ الموهمة لتأثير غير الله تعالى أن يقولوا ينبغي أن يكون التوسل بالأدب وبالألفاظ التي ليس فيها إيهام كان يقول المتوسل اللهم إني أسألك وأتوسل إليك بنبيك صلى الله عليه وسلم وبالأنبياء قبله وبعباده الصالحين أن تفعل بي كذا وكذا لا أنهم يمنعون من التوسل ولا أن يتجاسروا على تكفير المسلمين الموحدين الذين لا يعتقدون التأثير إلا لله وحده لا شريك له ومن الشبه التي تمسك بها هؤلاء المنكرون للتوسل قوله تعالى لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا فإن الله نهى المؤمنين في هذه الآية أن يخاطبوا النبي صلى الله عليه وسلم بمثل ما يخاطب بعضهم بعضا كان ينادوه باسمه وقياسا على ذلك يقال لا ينبغي أن يطلب من غير الله تعالى كالأنبياء والصالحين الأشياء التي
(١٥)