صلاة فأمره موسى بالمراجعة وحديث أن الأنبياء يحجون ويلبون وكل هذه الأحاديث الصحيحة لا مطعن فيها الطاعن فلا حاجة إلى الإطالة بذكرها وأيضا فقد ثبت بنص القرآن حياة الشهداء والأنبياء أفضل من الشهداء فالحياة لهم ثابتة بالأولى ثم إن الحياة الثابتة للأنبياء عليهم الصلاة والسلام وللشهداء ليست مثل الحياة الدنيوية بل هي حياة تشبه حال الملائكة ولا يعلم صفتها وحقيقتها إلا الله تعالى فيجب علينا الإيمان بثبوتها من غير بحث عن صفتها وكيفيتها وإذا كان الأمر كذلك فلا ينافي إن كلا منهم قد مات وانتقل من الحياة الدنيوية بمعنى أنه زالت عنه الحياة التي كانت في دار الدنيا وثبتت لهم حياة أخرى فلا إشكال في قوله تعالى إنه ميت وإنهم ميتون والكلام على ذلك مبسوط في المطولات فلا حاجة لنا إلى الإطالة بذكره فإن قال قائل إن شبهة هؤلاء المانعين للتوسل إنهم رأوا بعض العامة يأتون بألفاظ توهم أنهم يعتقدون التأثير لغير الله تعالى ويطلبون من الصالحين أحياء وأمواتا أشياء جرت العادة بأنها لا تطلب إلا من الله تعالى ويقولون للولي افعل لي كذا وكذا وإنهم ربما يعتقدون الولاية في أشخاص لم يتصفوا بها بل اتصفوا بالتخليط وعدم الاستقامة وينسبون لهم كرامات وخوارق عادات وأحوالا ومقامات وليسوا بأهل لها ولم يوجد فيهم شئ منها فأراد هؤلاء المانعون للتوسل أن يمنعوا العامة من تلك التوسعات دفعا للإيهام وسدا للذريعة وإن كانوا يعملون أن العامة لا يعتقدون تأثيرا ولا نفعا ولا ضر الغير الله تعالى ولا يقصدون بالتوسل إلا التبرك ولو أسندوا للأولياء شيئا لا يعتقدون فيهم تأثيرا فنقول لهم إذا كان الأمر كذلك وقصدتم سد الذريعة فما الحامل لكم على تكفير الأمة عالمهم وجاهلهم خاصهم وعامهم وما الحامل لكم على منع التوسل مطلقا بل كان ينبغي لكم أن تمنعوا العامة من الألفاظ الموهمة لتأثير غير الله تعالى وتأمروهم بسلوك الأدب في التوسل مع أن تلك الألفاظ الموهمة يمكن حملها على المجاز من غير احتياج إلى التكفير للمسلمين وذلك المجاز عقلي شائع معروف عند أهل العلم ومستعمل على ألسنة جميع والمسلمين ووارد في الكتاب
(١٤)