هذا الذي عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجماهير أئمة الإسلام.
لكن المقصود أن مذاهب الأئمة مبنية على هذا التفصيل بالفرق بين النوع والعين.
بل، لا يختلف القول عن الإمام أحمد وسائر أئمة الإسلام كمالك، وأبي حنيفة، والشافعي أنهم لا يكفرون المرجئة الذين يقولون: (الأيمان قول بلا عمل).
ونصوصهم صريحة بالامتناع من تكفير الخوارج، والقدرية وغيرهم.
وإنما كان الإمام أحمد يطلق القول بتكفير الجهمية، لأنه ابتلي بهم حتى عرف حقيقة أمرهم، وأنه يدور على التعطيل.
وتكفير الجهمية مشهور عن السلف والأئمة، لكن ما كانوا يكفرون أعيانهم.
فإن الذي يدعو إلى القول أعظم من الذي يقوله ولا يدعو إليه، والذي يعاقب مخالفه أعظم من الذي يدعو فقط، والذي يكفر مخالفه أعظم من الذي يعاقب.
ومع هذا، فالذين - من ولاة الأمور - يقولون بقول الجهمية: إن القرآن مخلوق، وإن الله لا يرى في الآخرة، وإن ظاهر القرآن لا يحتج به في معرفة الله، ولا الأحاديث الصحيحة، وإن الدين لا يتم إلا بما زخرفوه من الآراء، والخيالات الباطلة، والعقول الفاسدة، وإن خيالاتهم وجهالاتهم أحكم في دين الله من كتاب الله، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإجماع الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وإن أقوال الجهمية والمعطلة من النفي والأثبات أحكم في دين الله.
بسبب ذلك امتحنوا المسلمين، وسجنوا الإمام أحمد، وجلدوه، وقتلوا جماعة، وصلبوا آخرين.
ومع ذلك لا يطلقون أسيرا، ولا يعطون من بيت المال إلا من وافقهم، ويقر بقولهم.