قوله وكلامه، صاروا تارة يقولون: ليس بمتكلم حقيقة، بل مجازا.
وهذا قولهم الأول لما كانوا في بدعتهم وكفرهم على الفطرة قبل أن يدخلوا في العناد والجحود.
إلى أن قال: وهذا قول من يقول: القرآن مخلوق.
إلى أن قال: وأنكر هؤلاء أن يكون الله متكلما، أو قائلا على الوجه الذي دلت عليه الكتب الإلهية، وأفهمت الرسل لقومهم، واتفق عليه أهل الفطر السليمة.
إلى أن قال:
ونشأ بين هؤلاء الذين هم فروع الصابئة، وبين المسلمين المؤمنين - أتباع الرسول - الخلاف، فكفر هؤلاء ببعض ما جاءت به الرسل، واختلفوا في كتاب الله، فآمنوا ببعض، واتبع المؤمنون ما أنزل إليهم من ربهم، وعلموا أن قول هؤلاء أخبث من قول اليهود والنصارى، حتى كان عبد الله بن المبارك ليقول: إنا لنحكي قول اليهود والنصارى! ولا نحكي قول الجهمية.
وكان قد كثر هؤلاء الذين هم فروع المشركين، ومن اتبعهم من الصابئة في آخر المائة الثانية في إمارة المأمون، وظهرت علوم الصابئين والمنجمين ونحوهم، فظهرت هذه المقالة في أهل العلم، وأهل السيف والأمارة، وصار في أهلها من الخلفاء، والأمراء، والوزراء، والفقهاء، والقضاة وغيرهم ما امتحنوا به المؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، إنتهى كلام الشيخ رحمه الله.
فأنظر في هذا الكلام وتدبره، كيف وصف هؤلاء بأعظم الكفر والشرك، وبالإيمان ببعض الكتاب، والكفر ببعضه، وأنهم خالفوا العقل، والنقل، والفطرة، وأنهم خالفوا جميع الرسل في قولهم، وأنهم عاندوا الحق، وأن أهل العلم يقولون: قولهم هذا أخبث من قول اليهود والنصارى، وأنهم عذبوا المؤمنين والمؤمنات على الحق.