العلم، ليتبين لكم ما أنتم عليه، وأن استدلالكم بقصة أهل الردة كاستدلالكم الأول.
قال الإمام أبو سليمان الخطابي رحمه الله: مما يجب أن يعلم أن أهل الردة كانوا أصنافا:
صنف ارتدوا عن الإسلام، ونبذوا الملة، وعادوا إلى الكفر الذي كانوا عليه من عبادة الأوثان.
وصنف ارتدوا عن الإسلام، وتابعوا مسيلمة - وهم بنو حنيفة وقبائل غيرهم - صدقوا مسيلمة، ووافقوه على دعواه النبوة.
وصنف ارتدوا ووافقوا الأسود العنسي وما ادعاه من النبوة باليمن.
وصنف صدقوا طليحة الأسدي وما ادعاه من النبوة، وهم غطفان وفزارة ومن والاهم.
وصنف صدقوا سجاح.
فهؤلاء مرتدون، منكرون لنبوة نبينا صلى الله عليه وسلم، تاركون للزكاة، والصلاة، وسائر شرائع الإسلام، ولم يبق من يسجد لله في بسيط الأرض، إلا مسجد المدينة، ومكة، وجواثا - قرية في البحرين -.
وصنف آخر، وهم الذين فرقوا بين الصلاة والزكاة ووجوب أدائها إلى الإمام.
وهؤلاء على الحقيقة أهل بغي، وإنما لم يدعوا بهذا الاسم في ذلك الزمان خصوصا لدخولهم في غمار أهل الردة، فأضيف الاسم إلى الردة، إذ كانت أعظم الأمرين وأهمهما.
وأرخ قتال أهل البغي من زمن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، إذ كانوا منفردين في زمانه، لم يختلطوا بأهل الشرك.
وفي أمر هؤلاء عرض الخلاف، ووقعت الشبهة لعمر رضي الله عنه حين راجع أبا بكر