وقبائحهم مشهورة ومن هؤلاء الفرق الذين ذكرنا تشعبت الثنتان والسبعون فرقة أهل الضلالة المذكورون في السنة في قوله عليه الصلاة والسلام تفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة وما سوى الثنتين والسبعين وهي الثالثة والسبعون هم الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى آخر الدهر وهي التي لا تزال قائمة على الحق رزقنا الله اتباعهم بحوله وقوته وكلما ذكرت من أخبار هذه الفرقة فإنما أخذته من كتب أهل العلم وأكثر ما أنقل عن ابن تيمية وابن القيم (فصل) وها أنا أذكر لك شيئا مما ذكر أهل العلم من أن مذهب السلف عدم القول بتكفير هؤلاء الفرق الذين تقدم ذكرهم (قال) الشيخ تقي الدين في كتاب الإيمان لم يكفر الإمام أحمد الخوارج ولا المرجئة ولا القدرية وإنما المنقول عنه وعن أمثاله تكفير الجهمية مع أن أحمد لم يكفر أعيان الجهمية ولا كل من قال أنا جهمي كفره بل صلى خلف الجهمية الذين دعوا إلى قولهم وامتحنوا الناس وعاقبوا من لم يوافقهم بالعقوبات الغليظة ولم يكفرهم أحمد وأمثاله بل كان يعتقد إيمانهم وإمامتهم ويدعو لهم ويرى لهم الإئتمام بالصلاة خلفهم والحج والغزو معهم والمنع من الخروج عليهم بما يراه لأمثالهم من الأئمة وينكر ما أحدثوا من القول الباطل الذي هو كفر عظيم وإن لم يعلموهم أنه كفر كان ينكره ويجاهدهم على رده بحسب الإمكان فيجمع بين طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم في إظهار السنة والدين وإنكار بدع الجهمية الملحدين وبين رعاية حقوق المؤمنين من الأئمة والأمة وإن كانوا جهالا مبتدعين وظلمة فاسقين انتهى كلام الشيخ فتأمله تأملا خاليا عن الميل والحيف وقال الشيخ تقي الدين أيضا من كان في قلبه الإيمان بالرسول وبما جاء به وقد غلط في بعض ما ناله من البدع ولو دعى إليها فهذا ليس بكافر أصلا والخوارج كانوا من أظهر الناس بدعة وقتالا للأمة وتكفيرا لها ولم يكن في الصحابة من يكفرهم لا علي ولا غيره بل حكموا فيهم بحكمهم في المسلمين الظالمين المعتدين كما ذكرت الآثار عنهم بذلك في غير هذا الموضع وكذلك سائر الثنتين والسبعين فرقة من كان منهم منافقا فهو كافر في الباطن ومن كان مؤمنا بالله ورسوله في الباطن لم يكن كافرا في الباطن وإن كان أخطاء في التأويل كائنا من كان خطاؤه وقد يكون في بعضهم شعبة من النفاق ولا يكون فيه النفاق الذي يكون صاحبه في الدرك الأسفل من النار ومن قال إن الثنتين والسبعين فرقة كل واحد منهم يكفر كفرا
(١٨)