هذا وقد ورد في كتاب المحققين من أهل الله تعالى كثير من الحكايات والأخبار المفصحة عن وقوع الكرامات للأولياء بعد الموت وتداولته الثقات مما لا يسعنا إنكاره. فمن ذلك ما ذكره قدوتنا إلى الله تعالى المجتهد الكامل والعالم العامل الشيخ محي الدين ابن العربي قدس الله سره في كتابه " روح القدس في مناصحة النفس " في ترجمة أبي عبد الله ابن زين اليابري بالياء المثناة التحتانية وضم الباء الموحدة التحتانية الإشبيلي. كان من أهل الله تعالى أنه قرأ ليلة تأليف أبي القاسم ابن حمدين في الرد على أبي حامد الغزالي فعمي فسجد لله تعالى من حينه وتضرع وأقسم أنه لا يقرأه أبدا ويذهبه، فرد الله تعالى عليه بصره انتهى. وهي كرامة صدرت لأبي حامد الغزالي رضي الله عنه بعد موته على يد هذا الإنسان. وذكر الجلال السيوطي رحمه الله تعالى في كتابه له في ذكر الموت سماه " بشرى الكئيب بلقاء الحبيب " قال: أخرج الحافظ أبو القاسم اللالكائي في السنة بسند عن محمد بن نصر الصائغ قال: كان أبي مولعا بالصلاة على الجنائز. فقال: يا بني حضرت يوما جنازة.
فلما دفنوها نزل إلى القبر نفسان ثم خرج واحد وبقي الآخر وحشى الناس التراب.
فقلت: يا قوم يدفن حي مع ميت؟ فقالوا ما ثم أحد فقلت: لعله شبه لي. ثم رجعت فقلت: ما رأيت إلا اثنين خرج واحد وبقي الآخر لا أبرح حتى يكشفه الله ما رأيت فقرأت عشر مرات يس وتبارك وبكيت وقلت: يا رب اكشف لي عما رأيت فإني خائف على عقلي وديني. فانشق القبر فخرج منه شخص فولى مبادرا. فقلت:
يا هذا بمعبودك إلا وقفت حتى أسألك فما التفت. فقلت الثانية والثالثة فالتفت وقال: أنت نصر الصائغ. فقلت: نعم. قال: ما تعرفني؟ قلت: لا. قال:
نحن ملكان من ملائكة الرحمان موكلان بأهل السنة إذا وضعوا في قبورهم، نزلنا حتى نلقنهم الحجة. وغاب عني.
وحكى اليافعي في روض الرياحين عن بعض الأولياء. قال: سألت الله تعالى أن يريني مقامات أهل القبور. فرأيت ليلة من الليالي القبور قد انشقت وإذا منهم النائم على السرير ومنهم النائم على الحرير والديباج ومنهم النائم على الريحان ومنهم النائم على السرر ومنهم الباكي ومنهم الضاحك فقلت: يا رب لو شئت ساويت بينهم في الكرامة. فنادى مناد من أهل القبور: يا فلان هذه أمثال الأعمال.