والله إلا جهل أو حمية الجاهلية كيف يقع فيما عرف دليل تحريمه من الكتاب والسنة وإجماع الأمة ويتورع عما يراه من كلام أئمة الهدى فليتنا يا أخي نراك تتكدر من وقوعك في هذه الكبائر كما نراك تتكدر من تقليد غير إمامك أو ممن أمرك بالانتقال من مذهبك إلى غيره ويا ليت ذنوبك كلها مثل ذنوب انتقالك من مذهب إلى مذهب أو مثل عملك بقول إمام لم تعرف دليله أو عمل بقول ضعيف فاعتقادك يا أخي الصحة في كلام أئمة الهدى واجب عليك ما دمت لم ينكشف لك الحجاب ولم تقف على عين الشريعة الأولى التي يتفرع منها قول كل عالم كما تقدم بيانه في فصل الأمثلة المحسوسة وكل من نظر بعين الإنصاف وصحة الاعتقاد وجد جميع مذاهب الأئمة كأنها نسجت من الكتاب والسنة سداها ولحمتها منهما والحمد لله رب العالمين * (فصل) * قال المحققون إن للعلماء وضع الأحكام حيث شاؤوا بالاجتهاد بحكم الإرث لرسول الله صلى الله عليه وسلم فكما أن للشارع صلى الله عليه وسلم أن يبيح ما شاء لقوم ويحرمه على قوم آخرين فكذلك للعلماء أن يفعلوا مثل ذلك فيمنعوا صحة الصلاة أو البيع أو غيرهما في باب ويصححوا ذلك في باب آخر مع اتحاد التعليل في البابين نظير ذلك قولهم بوجوب الغسل على النفساء لكون الولد منيا منعقدا وعدم قولهم بوجوبه إذا ألقت المرأة يدا أو رجلا فقط مع أن اليد أو الرجل مني منعقد بلا شك فمن اعترض عليهم في ذلك قلنا له إن العلماء تابعون للشارع في ذلك بدليل ما نقل إلينا في الخصائص النبوية من أنه صلى الله عليه وسلم أوجب على نفسه ما أباحه لأمته وحرم عليهم ما أباحه لنفسه بإذن من ربه عز وجل إذ العلماء أمناؤه صلى الله عليه وسلم على شريعته من بعده فلا ينبغي لأحد أن يعترض عليهم إذا تناقض كلامهم في أبواب الفقه مع اتحاد العلل والحمد لله رب العالمين * (فصل) * في بيان بعض ما اطلعت عليه من كتب الشريعة قبل وضعي هذه الميزان الشريفة لتقتدي بي يا أخي في ذلك إن طلبت الإحاطة بها ذوقا إذ العلم قد يتخلف عن صاحبه ويحجب عنه بخلاف الذوق ولعل قائلا يقول من أين اطلع صاحب هذه الميزان على جميع ما دونه المحدثون من الأحاديث والفقهاء من المذاهب في سائر أقطار الأرض حتى قدر أن يردها كلها إلى مرتبتي تخفيف وتشديد فإذا اطلع على الكتب التي طالعتها وحفظتها وشرحتها على مشايخ الإسلام من الشريعة فربما سلم لي واقتدى بي في مطالعة هذه الكتب التي أذكرها إن شاء الله تعالى وكلها ترجع إلى ثلاثة أقسام حفظ متون وشرح لها ومطالعة لنفسي مع مراجعة العلماء في المشكلات منها * (القسم الأول) في ذكر الكتب التي حفظتها عن ظهر قلب وعرضتها على العلماء فمن ذلك كتاب المنهاج للنووي وكتاب الروض لابن المقري ومختصر الروضة إلى باب القضاء على الغائب وكتاب جمع الجوامع في أصول الفقه والدين وكتاب ألفية ابن مالك في النحو وكتاب تلخيص المفتاح في المعاني والبيان وكتاب ألفية العراقي في علم الحديث وكتاب التوضيح في النحو لابن هشام وكتاب الشاطبية في علم القراءات وغير ذلك من المختصرات * (القسم الثاني) ما شرحته على العلماء فقرأت
(٧٤)