إن ما كان حدسا بالأمس، قد صار حقيقة..
وما كان احتمالا وظنا، أصبح واقعا وتاريخا..
فها هو ذا معاوية، لا يكتفي باغتصابه الخلافة، ثم لا يرغب وهو على وشك لقاء ربه في التكفير عن خطئه، تاركا أمر المسلمين للمسلمين.. بل يمعن في تحويل الإسلام إلى ملك عضوض وإلى مزرعة أموية..!!
فيأخذ البيعة ليزيد كولى عهد له.. يأخذها بالذهب، وبالسيف..
ثم هاهو يزيد يتربع على عرش أبيه بعد وفاته، فيهمل أمر المسلمين، ويعكف على اللهو بفهوده وقروده حتى يلقب ب " يزيد القرود "..!!
ثم يسلط من قواده ورجاله من ينزلون بالعباد والبلاد من الهول ما يخجل الشيطان نفسه من اقترافه..!!
فابن زياد، في الكوفة والبصرة، يجز رأس كل من تسول له نفسه أن يقول: لم..؟
ثم يقتل أبناء الرسول وأحفاده وآل بيته في كربلاء قتلا تناهى في البشاعة والرجس...
ومسلم بن عقبة، مبعوث يزيد إلى المدينة المنورة دار الهجرة ووطن الأنصار وعاصمة الإسلام، يصنع بها وبأهلها من الوحشية والجريمة ما يتعاظم كل وصف..
وحتى مكة بمسجدها الحرام، يرسل إليها " يزيد القرود " من يستبيحها، ويستبيح مسجدها الحرام.
ثم حين يختفي بيت أبي سفيان بموت يزيد، ويسطو على الخلافة بيت مروان، وهو شعبة أخرى، وامتداد آخر للأمويين.. يظهر الحجاج لينشر الخراب والدمار والقتل في كل مكان باسم الأمويين، وفي سبيل دعم ملكهم ووثنيتهم..