والمدارات التي تليه وازدياد فضل قسيها الظاهرة على الخفية وازدياد انحطاط القطب الخفي والمدارات التي عنده فيزداد فضل قسيها الخفية على الظاهرة ويكون تزائد النهار وتناقص الليل إلى رأس المنقلب الذي يلي القطب الظاهر وتناقص النهار وتزايد الليل إلى رأس المنقلب الآخر ويكون نهار كل جزء مساويا لليل نظيره وبالعكس كنهار أول السرطان لليل أول الجدي وبالعكس (قال خاتمة 2) يريد أن أكثر ما ذكروا من عظم أمر السمويات وعجيب خلقها وبديع صنعها وانتظام أمرها أمر ممكن شهد به الأمارات ودل عليه العلامات من غير إخلال بما يثبت من القواعد الشرعية والعقائد الدينية إلا أنهم بنوا ذلك على أصل هو كون الصانع موجبا لا مختارا وذلك في غاية الفساد وجعلوا له فرعا هو تأثير الحركات والأوضاع فيما يظهر في عالم الكون والفساد من الحوادث وهو أصل الإلحاد ثم أنهم لما ذهبوا إلى أن الفلكيات خالية عن اللون والحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة ونحو ذلك أورد عليهم أنا نشاهد السماء أزرق والقمر عند الخسوف أسود وزحل كمدا والمشتري أبيض والمريخ أحمر وإنهم يجعلون زحل باردا يابسا والمريخ حارا يابسا وكذا في سائر السيارات ودرجات البروج على ما بين في كتب الأحكام فأجابوا بأن الزرقة متخيلة في الجو لا متحققة في السماء وسواد القمر عدم إضاءة جرمه وما يشاهد في المنحيرة ليس اختلاف ألوان بل اختلاف أضواء ومعنى وصف الكواكب أو الدرج بالكيفيات الفعلية والانفعالية ظهور تلك الآثار سببا في عالم العناصر بحسب ما يحدث لها من الحركات والأوضاع ولما ذهبوا إلى أن الفلك بسيط ليس فيه اختلاف أجزاء أصلا أورد عليهم تعين بعض الأجزاء لكونه منطقة وبعضها لكونه قطبا وبعضها لكونه محلا لارتكاز الكواكب أو التدوير فيه إلى غير ذلك من الاختلافات اللازمة على أصولهم فأجيب بأن تشابه الأسباب القابلية لا ينافي اختلاف الآثار لجواز أن يكون عائدا إلى الأسباب الفاعلية وفيه نظر لأن الفاعل إن كان موجبا كما هو مذهبهم فنسبته إلى الكل على السواء فلا يتأتى هذا الاختلاف وإن كان مختارا كما هو الحق فقد سقط جميع ما بنوا من أصول علم الهيئة على نفي الفاعل المختار إذ يجوز أن يكون اختلاف الحركات والأوضاع المشاهدة مستندا إلى مشية القادر المختار فلا يثبت ما أثبتوا من الحركات والأفلاك ثم عليهم اعتراض آخر وهو أنهم جعلوا هذه الحركات المخصوصة على النظام المخصوص مع لزومها أزلا وأبدا من قبيل الحركات الإرادية واقعة بإرادات جزئية من النفوس الفلكية على ما سيأتي مع أنا قاطعون بأن الحركة الإرادية يجوز أن تختلف أو تنقطع بمقتضى الإرادة ولا يلزم أن تستمر على وتيرة واحدة (قال القسم الثاني في البسايط العنصرية 9)
(٣٥٠)