وركبت السفينة - مروان خليفات - الصفحة ١٠٦
القرآن محدث تكلم الله به بعد أن لم يكن، وأنه يتكلم ويسكت ويحدث في ذاته الإرادات بحسب المخلوقات، وتعدى في ذلك إلى استلزام قدم العالم، والتزامه بالقول بأنه لا أول للمخلوقات، وقال بحوادث لا أول لها، فأثبت الصفة القديمة حادثة والمخلوق الحادث قديما، ولم يجمع أحد هذين القولين في ملة من الملل ولا نحلة من النحل، فلم يدخل في فرقة من الفرق الثلاثة والسبعين التي افترقت عليها الأمة ولا وقفت به مع أمة من الأمم همة، وكل ذلك وإن كان كفرا شنيعا مما تقل جملته بالنسبة لما أحدث في الفروع " (1).
3 - وقال شيخ الإسلام الذهبي - تلميذ شيخ الإسلام ابن تيمية! - في رسالته زغل العلم التي وجهها لابن تيمية: " فإن برعت في الأصول وتوابعها من المنطق والحكمة والفلسفة وآراء الأوائل ومحارات العقول واعتصمت مع ذلك بالكتاب والسنة وأصول السلف ولفقت بين العقل والنقل، فما أظنك في ذلك تبلغ رتبة ابن تيمية ولا والله تقاربها، وقد رأيت ما آل أمره إليه من الحط عليه والهجر والتضليل والتكفير والتكذيب بحق وبباطل، فقد كان قبل أن يدخل في هذه الصناعة منورا مضيئا على محياه سيماء السلف ثم صار مظلما كسوفا " (2).
وقد نودي على ابن تيمية بدمشق: " من اعتقد عقيدة ابن تيمية حل دمه وماله " (3).
وقد كفر ابن تيمية قضاة المذاهب الأربعة في مصر، حين حرم زيارة قبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأصدر الشاميون فتيا، وكتب عليها البرهان ابن الفركاخ الفزاري نحو أربعين سطرا بأشياء إلى أن قال بتكفيره، ووافقه على ذلك الشهاب بن جهبل، وكتب تحت خطه كذلك المالكي، ثم عرضت الفتيا لقاضي القضاة الشافعية بمصر، البدر بن جماعة

١ - الدرة المضيئة في الرد على ابن تيمية: ص ١ - ٢.
٢ - هناك كلام للذهبي في الثناء على ابن تيمية ولكن رسالته هذه " بيان زغل العلم " كتبها متأخرا.
٣ - الدرر الكامنة، ابن حجر العسقلاني: 1 / 147. مرآة الجنان، اليافعي: 2 / 242.
(١٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 ... » »»