وركبت السفينة - مروان خليفات - الصفحة ٥١٨
كتب الحسن بن أبي الحسن البصري إلى أبي محمد الحسن بن علي (عليهما السلام): أما بعد فإنكم معشر بني هاشم، الفلك الجارية في اللجج الغامرة، والأعلام النيرة الشاهرة، أو كسفينة نوح (عليه السلام) التي نزلها المؤمنون ونجا فيها المسلمون. كتبت إليك يا بن رسول الله، عند اختلافنا في القدر، وحيرتنا في الاستطاعة، فأخبرنا بالذي عليه رأيك ورأي آبائك (عليهم السلام)، فإن من علم الله علمكم، وأنتم شهداء على الناس، والله الشاهد عليكم، ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم.
فأجابه الحسن (عليه السلام): بسم الله الرحمن الرحيم وصل إلي كتابك، ولولا ما ذكرته من حيرتك وحيرة من مضى قبلك إذن ما أخبرتك، أما بعد فمن لم يؤمن بالقدر خيره وشره أن الله يعلمه، فقد كفر. ومن أحال المعاصي على الله فقد فجر. إن الله لم يطع مكرها، ولم يعص مغلوبا... " (1).
أما قضية صلح الإمام الحسن (عليه السلام) مع معاوية، فلا تسعها هذه الأسطر، وما نود قوله هو: إن الإمام اضطر إلى الصلح اضطرارا، فأغلب جيشه كانوا من الخوارج وأهل النفاق والطامعين والأعراب... واستطاع معاوية ان يشتري الكثير منهم. فلم يبق مع الإمام إلا قلة قليلة. فكان الإمام أمام خيارين إما أن يصالح أو يقاتل. ولو اختار القتال لما بقي لآل البيت وشيعته وجود، قال (عليه السلام): " والله، ما سلمت الأمر إلى معاوية، إلا أني لم أجد أنصارا، ولو وجدت أنصارا لقاتلته ليلي ونهاري، حتى يحكم الله بيني وبينه " (2).
وقد اشترط الحسن (عليه السلام) في الصلح، أن تعود الخلافة له إذا مات معاوية، وإذا مات الحسن تعود للحسين (عليه السلام).

١ - تحف العقول: ص 231.
2 - الاحتجاج وراجع صلح الإمام الحسن في كتب الإمامية.
(٥١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 513 514 515 516 517 518 519 520 521 522 523 ... » »»