5 - قال القعنبي دخلت على مالك في مرضه الذي مات فيه فسلمت عليه فرأيته يبكي فقلت: يا أبا عبد الله ما الذي يبكيك؟ فقال لي: " يا ابن قعنب ومالي لا أبكي!
ومن أحق بالبكاء مني! لوددت أني ضربت سوطا وقد كانت لي السعة فيما سبقت إليه، وليتني لم أفت بالرأي " (1)، يقول ابن حزم: " فهذا رجوع منه عن كل ما أفتى منه برأي، وهذا ثبت عنه " (2).
هذه شهادة مالك في فتاواه " ليتني لم أفت بالرأي " ومالك يقول - كما مر قبل أسطر -: " ولا تتبع الرأي " إذا فهو ينهى عن اتباع نفسه، فهل يسوغ المسلم لنفسه بعد هذا أن يقلد مالكا ويأخذ بفتاواه. بعد أن بكى منها؟!
6 - قال مالك: " ليس كل ما قال رجل قولا - وإن كان له فضل - يتبع عليه، يقول الله (3) (الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه) (4) " (5).
قال ابن حزم: " لو اتبع مقلدوه هذا القول منه لاهتدوا، نعوذ بالله من الخذلان " (6).
7 - روي أن مالكا أفتى في طلاق البتة - أي الطلاق الذي لا رجعة فيه - أنها ثلاث، فنظر إلى أشهب قد كتبها، فقال: امحها، أنا كلما قلت قولا جعلتموه قرآنا! أما يدريك! لعلي سأرجع عنها غدا فأقول: هي واحدة!! " (7).