هوية التشيع - الدكتور الشيخ أحمد الوائلي - الصفحة ٤٤
أساس أنهم عبيد له، وأخاف المدينة وروع الناس وأحال أرض المدينة المنورة إلى برك من الدماء وتلول من الأشلاء.
وفي سنة ثالثة سلط المنجنيقات على الكعبة وهدمها وأحرقها وزعزع أركانها وجعل القتال داخل المسجد الحرام وسال الدم حتى في قاع الكعبة وقد استعرض ذلك مفصلا كل من تاريخ الخميس للديار بكري والطبري وابن الأثير والمسعودي في مروج الذهب وغيرهم من المؤرخين في أحداث سنة ستين حتى ثلاث وستين من الهجرة. ومع ذلك كله تجد كثيرا من أعلام السنة يخطئون من يخرج لقتال يزيد وأن الخارج عليه يحدث فتنة ووصل الأمر إلى حد تخطئه الحسين (ع) سيد شباب أهل الجنة فكأن النبي (ص) عندما قال: " الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة " ما كان يعلم بأنه يقاتل يزيد وحينما يقول النبي (ص): " إن الحسين وأصحابه يدخلون الجنة بغير حساب " (1) لم يأخذ في حسابه أنهم خارجون على يزيد اللهم اهد قومنا، وكأن ابن العربي المالكي أعرف بمصائر الأمور من النبي نفسه الذي يرسم للحسين مصيره ويأمره بتنفيذ ذلك، أرأيت معي إلى أي مستوى من المهازل تصل الدنيا؟
وهذا الإمام الغزالي الذي سنقف قريبا معه وقفة قصيرة يقول وأمام عينيه عشرات من كتب السير والتاريخ التي تؤكد بالطرق الموثوقة بشاعة الأحداث التي تمت بأمر يزيد وبفعله المباشر لبعضها. يقول في باب اللعن من كتابه إحياء العلوم:
فإن قيل: هل يجوز لعن يزيد لأنه قاتل الحسين، أو أمر به، قلنا هذا لم يثبت أصلا فلا يجوز أن يقال إنه قتله أو أمر به ما لم يثبت، فضلا عن لعنه، لأنه لا يجوز نسبة مسلم إلى كبيرة من غير تحقيق، إلى أن قال: فإن قيل: أن يقال " قاتل الحسين لعنه الله، أو الآمر بقتله لعنه الله " قلنا: الصواب أن يقال قاتل الحسين إن مات قبل التوبة لعنه الله (2).

(1) تهذيب التهذيب لابن حجر ج‍ 2 ص 347.
(2) إحياء العلوم ج‍ 2 ص 276.
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»