أمثال هؤلاء حكم عام يعمم على أهل السنة.
وعلى أسوأ الفروض لو وجدت أفكار إضافية طارئة على جسم أي مذهب من المذاهب وزائدة على محتواه الأصلي كما هو الفرض ولكنها لا تشكل إنكار ضرورية من ضروريات الدين ولا ردة ولا انحرافا فإن أمثالها لا يبرر رمي من وجدت عنده بالمروق عن الدين والخروج عن الإسلام وربطهم باليهودية والنصرانية وأمثال ذلك من النسب التي لا يتفوه بها مسلم على أخيه وله ضمير وخلق مسلم يصدر في سلوكه عن تعاليم الإسلام.
فمتى كان القول بالوصاية مثلا وأن لكل نبي وصيا وأن الأوصياء يجب كونهم معصومين حتى يتحقق الغرض من نصبهم قادة للأمة والاعتقاد بأن المهدي حي وأمثال ذلك من العقائد موجبا للخروج من الدين ومدعاة لشن حملات شعواء كانت وما تزال يجترها الخلف عن السلف دون أن يتبين ما هي مصادرها ودون أن يحللها ويناقشها.
إن صرف هذه الطاقات في ميادين التهريج أقل ما يوصف به أنه عمل غير مسؤول بالإضافة إلى إمكان توجيه هذه الطاقات إلى ميادين إيجابية في الخلق والإبداع وفي جمع الشمل ولم الشعث وتنظيف الأجواء الإسلامية من الحقد والكراهية التي لا يفيد منها إلا أعداء الإسلام. إن الذين يقفون وراء نعرات التشويش والفرقة قوم بعيدون عن روح الإسلام وجوهره وليسوا ببعيدين عن الشبهات خصوصا وأن أمثال هذه المواضيع يجب أن تبقى محصورة في نطاق العلماء فقط وأن لا تنزل إلى مستوى الأوساط من الناس فضلا عن العامة وذلك لأن للعلماء مناعة تبعدهم عن النظرة المرتجلة والنعرة الجاهلية كما هو المفروض إن المفاعلات الطائفية في تصوري أخطر على الإنسانية من المفاعلات النووية، وحسب تاريخ المسلمين خلافات كانت وما تزال غصة في فم كل مؤمن بالله تعالى وبدينه وكل داع لرسالات السماء التي من أول أهدافها تأصيل الروح الإنسانية في كل أنماط السلوك عند البشر.