هوية التشيع - الدكتور الشيخ أحمد الوائلي - الصفحة ١٨
عبث تعالى الله عن ذلك، فذهب أهل السنة إلى أن أفعاله غير معللة، وذهب الإمامية إلى أنها معللة بدون حاجة منه تعالى للعلة وإنما يعود نفع العلة للعباد أنفسهم وبذلك يجمع بين الأمرين من كونه تعالى لا يفعل العبث ومن كونه غنيا عن الحاجة. ومع جميع ما ذكرناه لا يقال إن المسلمين تطورت عقائدهم وزاد مضمون الإسلام عما كان عليه في الصدر الأول وإنما الذي حدث أن المسلمين توسعوا في شرح الأمور المجملة عندما اضطروا لذلك نتيجة تفاعلهم مع ثقافات مختلفة وأفكار متنوعة فالمسلم في صدر الإسلام والمسلم في أيامنا مصدر تشريعه الكتاب والسنة ولكنه فيما مضى أخذهما مجملين والآن احتاج إلى التفصيل لوجود دواعي وجدت ولم تكن موجودة في الصدر الأول فإذا كان التطور المنسوب إلى التشيع على هذا النحو الذي حدث في الإسلام نفسه فهو واقع بهذا المعنى لا نزاع في ذلك، أما إذا كان استحداث آراء جديدة وبعيدة عن روح الإسلام فلا لأن كل ما يأباه الإسلام يأباه التشيع بالضرورة إن التطور الذي حدث في الإسلام على الشكل الذي ذكرناه لم يشكل قدحا في عقائد فرق المسلمين، وإذا كان ما حدث في التشيع من تطور مثل ما حدث في الإسلام ككل فما له هنا يشكل قدحا في العقيدة ويثير شكوكا لا مبرر لها؟
3 - ومع التنزل وافتراض دخول عضو إضافي على جسم التشيع كما يريد أن يثبته البعض اعتباطا وهو منفي فإن مثل هذا الفرض يأباه الفكر الشيعي إذا كان مما لا يلتقي مع كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وآله والخطوط الإسلامية العامة، إن مثل هذا الفرض هو رأي يرد إلى نحر قائله فكل ما هو ليس من الإسلام فهو ليس من التشيع في شئ بداهة أن التشيع من عطاء فكر أهل البيت وهم عدل الكتاب وهم مثل سفينة نوح فعلى هذا يكون ما ينسب إلى التشيع من هذا القبيل إنما هو خلط بين التشيع والشيعة وكثير ممن ينعت بأنه من الشيعة يرفضه الهيكل الشيعي فيما له من حدود وهوما سنمر عليه ونذكر أدلته، والشأن في ذلك شأن التفكير السني الذي ينفي عنه بعض المنتسبين إليه ممن ثبت انحرافهم عن خطوط الإسلام ولا يقدح وجود أمثالهم عند أهل السنة، ولا ينتزع من وجود
(١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 ... » »»