فقال الإمام: بلى.
قال ابن أبي العوجاء: أنا أخلق.
فقال الإمام: كيف تخلق؟
قال: أحدث في الموضع ثم ألبث عنه فيصير دوابا فكنت أنا الذي خلقتها.
وكان ابن أبي العوجاء أراد أن يثير الإمام بأسلوبه النابي البعيد عن لياقة التهذيب وآداب السؤال ليثير مشاعر الإمام، ويستفزه من موقعه الجدي، ولكن الإمام كان في إجابته متماسكا في جديته، بعيدا عن موجبات الانفعال والتأثير، شأنه شأن أصحاب الرسالات الذين لا يتطلعون إلا إلى الهدف، غير عابئين باللسعات الطائشة التي تعترضهم من أشواك الطريق، وقد فاجأ الإمام مناظره بسؤاله: أليس خالق كل شئ يعرف لم خلقه؟
قال ابن أبي العوجاء: بلى.
قال الإمام: فتعرف الذكر من الأنثى وتعرف عمرها؟ فسكت الذي كفر. وقد ذوي فيه زهو سخريته ومكره، بعد أن عرف ضياع نفسه في متاهات الجهل والعناد.