مناظرات الإمام الصادق (ع) - الحاج حسين الشاكري - الصفحة ١١٣
وأبو ذر رضي الله عنهما، فأما سلمان (رضي الله عنه) فكان إذا أخذ عطاءه رفع منه قوته لسنته حتى يحضره عطاؤه من قابل.
فقيل له: يا أبا عبد الله، أنت في زهدك تصنع هذا، وإنك لا تدري لعلك تموت اليوم أو غدا. فكان جوابه أن قال:
ما لكم لا ترجون لي البقاء كما خفتم علي الفناء، أو ما علمتم يا جهلة أن النفس تلتات (1) على صاحبها إذا لم يكن لها من العيش ما تعتمد عليه، فإذا هي أحرزت معيشتها اطمأنت.
فأما أبو ذر (رضي الله عنه) فكانت له نويقات وشويهات يحلبها ويذبح منها إذا اشتهى أهله اللحم أو نزل به ضيف أو رأى بأهل الماء الذين هم معه خصاصة، نحر لهم الجزور أو من الشياه، على قدر ما يذهب عنهم قرم اللحم فيقسمه بينهم، ويأخذ كنصيب أحدهم لا يفضل عليهم.
ومن أزهد من هؤلاء؟ وقد قال فيهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما قال، ولم يبلغ من أمرهما أن صارا لا يملكان شيئا البتة كما تأمرون الناس بإلقاء أمتعتهم وشيئهم ويؤثرون به على

(1) أي تبطئ وتحتبس عن الطاعات.
(١١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 ... » »»