إلى النور بإذنه، ويهديهم إلى صراط مستقيم، ويكون مهيمنا لما بين يدي النبي من الكتاب. قال سبحانه: * (وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه) * (1)، وقاضيا بين بني إسرائيل فيما يختلفون. قال سبحانه: * (إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي فيه يختلفون) *. (2) ولأجل تلك المكانة العليا التي حظي بها، صار الحجة القويمة للنبي الأكرم في عصره وحياته، والمعجزة الخالدة بعد مماته، على مر العصور والأحقاب. وما ذلك إلا لأن الدين الخالد، والرسالة الأبدية يحتاج في قضاء العقل إلى حجة قوية، ومعجزة خالدة، تشق الطريق، وتنير المسير * (حتى لا يكون للناس على الله حجة) *، بل يكون لله الحجة البالغة... نزل القرآن الكريم نجوما منذ بعثة النبي إلى أخريات أيامه في بضع وعشرين سنة، فقرع الآذان حتى وصل إلى الجنان، وملك مجامع قلوب الناس، وسيطر على أحاسيسهم ومشاعرهم، فدخل الناس في طاعة القرآن زرافات ووحدانا، فأقام النبي الأكرم صرح الحق على أنقاض الباطل، بفضل الكتاب الكريم وحجته الخالدة.
هذه لمحة خاطفة عن مكانة القرآن، وتأثيره في النفوس، أخذناها من الكتاب العزيز نفسه، ولا نطيل الكلام فيها. كيف وقد أفاض المحققون الكلام في رسائلهم وكتبهم فيه؟! وإنما الهدف في المقام الإيعاز إلى ما قام به المسلمون من أروع الخدمات في سبيل كتابهم، على وجه لا تجد له مثيلا لدى أصحاب الشرائع والديانات، حتى صارت تلك الخدمات حافزا لتأسيس علوم خاصة لفهم كتاب الله سبحانه، فدونوا علم النحو والصرف، وعلوم البلاغة والفصاحة، والقراءة