مفاهيم القرآن (العدل والإمامة) - الشيخ جعفر السبحاني - ج ١٠ - الصفحة ٢٥١
الثالث: إذا كان المراد من الولي هو الزعيم، يصح تخصيصه بالمؤمن المؤدي للزكاة حال الصلاة، وأما لو كان المراد بمعنى المحب والناصر وما أشبههما يكون القيد زائدا، أعني: إعطاء الزكاة في حال الصلاة، فإن شرط الحب هو إقامة الصلاة وأداء الزكاة، وأما تأديتها في حال الركوع فليس من شرائط الحب والنصرة، وهذا دليل على أن المراد فرد أو جماعة خاصة يوصفون بهذا الوصف لا كل المؤمنين.
الرابع: إن الآية التالية تفسر معنى الولاية، يقول سبحانه: * (ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون) *. (1) فإن لفظة * (الذين آمنوا) * في هذه الآية هو الوارد في الآية المتقدمة، أعني:
* (والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة) *، وعلى هذا يكون المراد من الولي أخذهم زعيما ووليا بشهادة أن حزب الله لا ينفك من زعيم يدبر أمورهم.
إلى هنا تبين أن الإمعان في القرائن الحافة بالآية تفسر معنى الولي وتعين المعنى وتثبت أن المقصود هو الزعيم، لكن من نكات البلاغة في الآية أنه سبحانه صرح بولايته وولاية رسوله ومن جاء بعده وعلى ذلك صارت الولاية للثلاثة، وكان اللازم عندئذ أن يقول إنما أولياؤكم بصيغة الجمع لكنه أتى بصيغة المفرد إشارة إلى نكتة، وهي أن الولاية بالأصالة لله سبحانه وأما ولاية غيره فبإيهاب من الله سبحانه لهم، ولذلك فرد الكلمة ولم يجمعها، لكن هذه الولاية لا تنفك من آثار، وقد أشير إلى تلك الآثار في آيات مختلفة، وإليك بيانها:
1 - * (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) *. (2) فإن لزوم إطاعة الله والرسول وغيرهما من آثار ولايتهم وزعامتهم، فالزعيم

(٢٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 245 246 247 249 250 251 252 253 254 255 256 ... » »»