للشيخ العالم العامل، الأديب الكامل، شيخ الإسلام والمسلمين، إمام الملة والدين، الشيخ شرف الدين أبي عبد الله محمد بن سعيد الدلاصي المصري البوصيري تغمده الله برحمته ورضوانه، وأفاض عليه شآبيب عفوه وغفرانه، وقد سارت بها [على تقادم عهدها] (1) الركبان، وأذعن لها بالفضل كل قاص ودان، وقد تداولتها الرواة، وتغنت بها الحداة، وتلقتها جميع الفضلاء والأدباء بالقبول، وهبت عليها من قدس الجلال نسمات القبول.
وسارت مسير الشمس في كل بلدة * وهبت هبوب الريح في البر والبحر وما ذاك إلا لما اشتملت عليه من المحاسن الفائقة، واحتوت عليه من المعاني الرائقة، مضافا إلى شرف ممدوحها الذي حسنت بما انطوت عليه من ذكره أساليبها، ورصنت بما احتوت من وصفه تراكيبها، فشرفت لذلك معانيها، ولطفت لما هنالك مبانيها.
وسار بها من لا يسير مشمرا * وغنى بها من لا يغني مغردا (2) فالناس بين شارح لغامض أسرارها، وكاشف لنقاب أستارها، وبين من انبرى لمباراتها، وجرى على النسق لمجاراتها، وبين من تصدى لها