انقطاع الخبر وإبهام الحال؟!
فالحال في حجية أقوال وأفعال الصحابة وسيرتهم لا بد في تحققها من دراسة سيرتهم وحياتهم وأقوالهم، لا سيما وأن ما جرى من الفتن بينهم واقع في المسائل الدينية وما يرتبط بالشرع، سواء في المسائل الفرعية أو الأصولية المرتبطة بالإمامة والحكم وحفظ الدين وإحراز السنة النبوية وتفسير الكتاب، وبدعية بعض الأفعال من رأس أو ركنيتها في الدين، والإقامة على العديد من السنن المقترحة وجعلها معالما للدين.
ولقد كان الاختلاف بينهم والتضليل إلى حد المقاتلة، وهي تعني استباحة كل طرف دم الطرف الآخر، فكل طرف يرى الطرف الآخر مقيم على أمر وحال يبيح معه دمه، فإذا كان زعم العامة أنه لا بد من ترك الخوض في الفتن التي جرت بين الصحابة، حفظا لحرمة الصحابة وتعظيما وتجليلا لصحبتهم، فهذا الخطب أولى الناس بمراعاته - في ما بينهم - الصحابة أنفسهم، لا الانتهاء إلى نقيض ذلك من استباحة دم الطرف الآخر.
فليس إلا أن الخطب جليل، أحبط في نظر الطرف الأول ما للطرف الآخر من أعمال وسابقة، وانتفت حرمته إلى استباحة دمه!
فمع كل ذلك، كيف يسوغ لنا الاحتجاج بأقوال وأفعال كل من المصيب والخاطئ، والمحق والمبطل، والهادي والضال، والمستقيم الموفي لما عاهد عليه الله ورسوله، والمبدل الناكث لما عاهد؟!
وهل هذا إلا جمع بين المتناقضين، وقلة الحرج في الدين، وتهوين لأمر الدين؟!
وقول التفتازاني وغيره المتقدم: " إن مقاتلتهم كانت لارتفاع التباين والعود إلى الألفة والاجتماع بعدما لم يكن طريق سواه. وبالجملة: فلم يقصدوا إلا