رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فتراه لا يقنع بنقل الصحابي الواحد فيه بل يطلب شاهدا آخر عليه، تصحيحا للنقل، وتأكيدا لما سمعه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولإعذار نفسه في الإفتاء بما خالف حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سابقا، ولتوقفه في الحكم لاحقا.
والذي يؤكد مدعانا قضية شجار عمار بن ياسر وعمر بن الخطاب في قضية التيمم، فإن عمر بن الخطاب كان قد نهى السائل الجنب عن الصلاة، فعارضه عمار بن ياسر في فتواه بما سمعه من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) (1).
فلم يطلب عمر بن الخطاب شاهدا من عمار على كلامه، لأنه ذكره بواقعة كان قد شاهدها مع الخليفة، وهو إخبار عن حس لا عن حدس!!
الثالثة: لا بد لنا أن نبحث عن الاختلاف بين الصحابة في أي شئ كان؟! وهل نشأ عن عمد، أم عن جهل؟!
فلو قلنا بالأول فيكون معناه تكذيب الصحابة الواحد منهم للآخر في النقل، ولو قلنا بالثاني فهو مبرر لمن منع التدوين والتحديث بدعوى الاكتفاء بالقرآن، ونحن بذكرنا كلام الإمام علي (عليه السلام) في أسباب اختلاف النقل عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نقف على حقيقة الأمر بإذن الله تعالى.
قال (عليه السلام): " إن في أيدي الناس حقا وباطلا، وصدقا وكذبا، وناسخا ومنسوخا، وعاما وخاصا، ومحكما ومتشابها، وحفظا ووهما. ولقد كذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على عهده، حتى قام خطيبا فقال: أيها الناس! قد كثرت علي الكذابة، فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار.. ثم كذب عليه من بعده.