أولها، وثم فائدتان لم يذكرهما الذهبي، هما:
أ - في عدالة الصحابي:
إن هذا الاحتياط كان إزاء رواية الصحابي عن رسول الله مباشرة، فالمغيرة، الصحابي، كان يروي عن مشاهدة قد يصحبها سماع أيضا، يقول: (حضرت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعطيها السدس) ومع ذلك كان أبو بكر يحتاط في قبول روايته، حتى وجد لها شاهدا حضر ذلك أو سمعه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وهذا مبدأ متين، منسجم مع ما قرره النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حفظ السنة وصيانتها، وهو مخالف تماما لمبدأ (عدالة الصحابي) وقبول روايته مطلقا، وإعفائه من قواعد الجرح والتعديل.
وسوف نجد أن موقف أبي بكر هذا قد سلكه عمر، وسلكه عثمان وسلكه علي عليه السلام، سلكوه جميعا إزاء رواية الصحابي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مباشرة، ليتضح من هذا كله بما لا شك فيه: أن مبدأ (عدالة الصحابي) قد ولد متأخرا، ولم يكن له أثر حتى نهاية خلافة علي عليه السلام، بل وبعدها أيضا بزمن غير قليل!
قال الخطيب البغدادي في الرد على من زعم أن العدالة هي إظهار الإسلام وعدم الفسق الظاهر: يدل على صحة ما ذكرناه أن عمر بن الخطاب رد خبر فاطمة بنت قيس، وقال: (ما كنا لندع كتاب ربنا وسنة نبينا لقول امرأة لا ندري أحفظت أم لا!).
قال: وهكذا اشتهر الحديث عن علي بن أبي طالب أنه قال: (ما