مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٤٣ - الصفحة ١٢١
الموازنة بين حالتي عظيم من المشركين وعظيم من المؤمنين، ودونه خرط القتاد، لما عرفت في شأن نزول الآيات، وما أرسله الإمام الرازي عن ابن عباس رضي الله عنه - كما مر - فالاستدلال لكل من الأمرين دوري.
ومما ذكرنا يظهر لك ما في كلام السيوطي، حيث أخذ من تقرير الأصبهاني أن (أفعل) هنا للتفضيل، وأن المراد ب‍ (الأتقى) أتقى الأتقياء على الاطلاق وتطبيق ذلك على أبي بكر.
وقد يقال: لا يخلو إما أن يراد ب‍ (الأتقى) أتقى الأتقياء على الاطلاق، أو من هو أتقى من بعض المؤمنين.
فأما الأول، فلا ريب أن ذاك لم يكن ولا يكن إلا رسول الله (ص) بإجماع أهل الإسلام.
وأما الثاني، فإنا لا نسلم دخول علي عليه الصلاة والسلام في ذلك البعض حتى يكون أبو بكر أفضل منه! بل نقطع بخروجه عليه السلام - على تقدير كون المراد ب‍ (الأتقى) ابن أبي قحافة - لأنه نفس النبي (ص) كما دل عليه قوله عز سلطانه في آية المباهلة: * (وأنفسنا وأنفسكم) * (96) فيخرج عليه السلام كما خرج (ص) من ذلك البعض.
ومعلوم بالضرورة أن الأكرم عند الله تعالى على الاطلاق هو الذي يكون أتقى من جميع المؤمنين لا من بعضهم، وإذا تطرق التخصيص إلى (الأتقى) سقط الاستدلال - كما قال قاضي القضاة التستري رحمه الله، (97) -.
وأيضا: فإن صحة السؤال عن كون أبي بكر أتقى المؤمنين جميعا أو بعضهم، ومن كل الوجوه أو من بعضها، دليل على عدم دلالة الآية على أنه أتقى الخلق وأفضلهم بعد النبيين صلى الله وسلم عليهم أجمعين، فتنبه!

(١٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 ... » »»
الفهرست