لكن الغريب والمؤسف: أنا نجد في عصرنا هذا شرذمة ممن تصدى للحديث الشريف بالنقد، ولم يسلك مسلكا واضحا محددا في تعامله مع هذا المصدر، الثر، الغني، من مصادر الفكر الإسلامي، بل هو يتأرجح " بين التقليد والاجتهاد " في نقد الحديث:
فتارة يحاول أن يعرض أسانيد ما وصله من الأحاديث على طاولة النقد، فيشرح عللها، ويراجع كلمات علماء الرجال في شأن رواتها، ويحاول المقارنة بين مدلولاتها، ويوافق على ما يعقله، ويسميه صحيحا، ويحكم بالضعف بل الوضع على ما لا يدركه بعقله، ويميز بين الحديث الصحيح وبين غيره حسب رأيه.
وبهذا يساير أهل الاجتهاد!
وتارة أخرى: يلجأ إلى كتب القدماء مما أسموها " الصحاح " ليستشهد بعملهم، وإيرادهم للحديث على صحة حديث ما، وبعدم وجود الحديث فيها على تضعيفه، بل الحكم بوضعه.
وبهذا يكون من أهل التقليد!
ومن هؤلاء كاتب مقال " تراثنا وموازين النقد " المنشور في العدد العاشر من مجلة كلية " الدعوة الإسلامية " الليبية " (2).