مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٦ - الصفحة ٩٦
وإذا قارنا بين العلوم الإسلامية، وجدنا أن علم الكلام، أكثرها أهمية من حيث ما يحتويه من بحوث عميقة ضرورية، كما هو أسبق رتبة من غيره، وأشرف موضوعا، لأنه يبحث عن أساس ما على المسلم من التزامات فكرية وعقائد، من المبدأ، والمعاد، وما بينهما، وعلى ذلك تبتني كل تصرفاته وشؤون حياته الدنيوية والأخروية (3).
وبالرغم من اتحاد المسلمين على عهد الرسالة في الالتزام بما يتعلق بالقسمين من تعاليم الإسلام معا، فإن عنصرا جديدا طرأ بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، فأدى إلى حدوث خلاف بينهم، وهو " الخلافة " وسبب البحث حولها انقسام الأمة إلى فرقتين:
1 - الفرقة الأولى: تقول بوجوب الإمامة على الله تعالى، كما هو الاعتقاد في النبوة، وأن الإمام يتعين بتعيين الله تعالى، وهم " الشيعة ".
وعلى رأيهم يكون بحث الإمامة، من صميم المباحث الكلامية.
2 - الفرقة الثانية: تقول بأن الإمامة واجب تكليفي على الأمة، فيجب على المسلمين كافة تعيين واحد منهم لأن يلي أمر الأمة، وهؤلاء هم " العامة ".
وعلى رأيهم يكون بحث الإمامة، من مباحث الأحكام الشرعية، وهذا النزاع مع أنه لم يمس - ظاهرا - العقائد المشتركة التي كانت على عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وكان الإنسان بها مسلما إلا أنه أدى إلى تصديع الحق الذي كانوا عليه في ذلك العهد، وسبب بعد إحدى الفرقتين عن الأخرى، فوجود مدرستين منفصلتين، لكل منهما طريقتها الخاصة في التدليل والتحليل، إلى حد دخل بحث الإمامة في صلب مباحث علم الكلام، بعد حين (4).

(3) لاحظ: تلخيص المحصل - للمحقق الطوسي -: 1.
(4) لاحظ: المقالات والفرق - للأشعري القمي -: ص 2 وبعدها، وخاندان نوبختي 5 - 76، وقارن:
تأريخ المذاهب الإسلامية - لأبي زهرة -: 20 و 25 و 88.
(٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 91 93 94 95 96 97 98 99 100 101 ... » »»
الفهرست