مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٤ - الصفحة ١٣
خطيبا مصقعا ولقلبه أشد ظلمة من الليل المظلم (3).
وهكذا الانهماك في تطبيق القواعد اللفظية، بما يصرف توجهه عن المعاني ويقطع التفاته عن الهدف.
وهو ما ذكره الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فيما روي عنه، من قوله:
من انهمك في طلب النحو سلب الخشوع (4).
نعم، أن أغفال جانب اللفظ وحسن التعبير، وصحح النص وسلامة العبارة عيب، بلا ريب، في الدعاء يحطه عن مرتبة الكمال اللازم في كل جوانب الدعاء من لفظه ومعناه، ولابد للداعي العارف، المتمكن من ذلك أن يتصف به، فيكون دعاؤه بمستوى ما يطلب من المقام الرفيع المنشود.
ومن هنا ورد التأكيد البليغ على اتصاف الدعاء بالأدب، ويراد به (الأدب العربي) في مراعاة القواعد اللغوية والنحوية والبلاغية، إذا بلغ الداعي مرتبة عالية من العلم والمعرفة، وبلغ من الدين والعقيدة مبلغا يحسن مثل هذا الطلب منه.
قال الإمام أبو جعفر محمد بن علي الجواد عليه السلام: ما استوى رجلان في حسب ودين - قط - إلا كان أفضلهما عند الله آدبهما.
قال الراوي: جعلت فداك، قد علمت فضله عند الناس، في المنادي والمجالس، فما فضله عند الله عز وجل؟!
قال عليه السلام: بقراءة القرآن كما أنزل، ودعائه الله عز وجل من حيث لا يلحن، وذلك أن الدعاء الملحون لا يصعد إلى الله عز وجل (5).
إن الكمال اللازم يجب أن يعم أدب الداعي ومعارفه، فيكون كاملا في لغته التي يتقدم بالدعاء بها، بعيدا عن اللحن المزري، فإن الله يحب أن يرى

(١) الكافي - الأصول - ٢ / ٤٢٢.
(٢) بحار الأنوار ١ / ٧ - ٢١٨.
(٣) عدة الداعي: ١٨، وسائل الشيعة ٤ / ١١٠٧، وانظر: كنز العمال ٢ / 293.
(١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 ... » »»
الفهرست