مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١١ - الصفحة ١٠٠
ولقد نسب هذا القول إلى الحشوية من أهل السنة والجماعة - وهم أصحاب أبي الحسن البصري - فإنهم ذهبوا إلى وقوع التحريف في القرآن تغييرا ونقصانا (88).
وفي كلام النحاس: إن العلماء تنازعوا حديث عائشة في الرضاع، فرده جماعة وصححه آخرون، قال:
" وأما قول من قال: إن هذا كان يقرأ بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه [وآله] وسلم - فعظيم... " وستأتي عبارته كاملة.
ومن الواضح: أنه إذا كان يقرأ بعد وفاته - صلى الله عليه وآله - في أصل القرآن وأنه لا نسخ بعده - صلى الله عليه وآله - بالإجماع... فهو إذا ساقط من القرآن، فالقرآن محرف... ومن ثم استعظم النحاس هذا القول.
وأما توجيه البيهقي لهذا الحديث: فإقرار منه بأن هذا كان من القرآن حتى بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وآله -، وكان المسلمون يتلونه في أصل القرآن.
وزعمه: أن الآية كانت منسوخة على عهده - صلى الله عليه وآله - وأن الذين كانوا يتلونها لم يبلغهم النسخ، عار عن الصحة ولا دليل يدل عليه، على أنا نقطع بأنه كما كان النبي - صلى الله عليه وآله - ينشر سور القرآن وآياته ويأمر بقراءتها بمجرد نزولها، فإنه كان عليه - على فرض وجود النسخ بصورة عامة - أن يذيع ذلك بين الأمة ويبلغهم جميعا ليطلع الكل على ذلك، كما كان يفعل بالنسبة إلى نشر الآيات والسور النازلة.
على أن كلامه يستلزم أن تكون الآية من القرآن وأن لا تكون منه في وقت واحد، وهو باطل... وسيأتي مزيد بحث حوله، في " الفصل الرابع ".
وقال الشعراني (89): " ولولا ما يسبق للقلوب الضعيفة ووضع الحكمة في

(88) مجمع البيان وغيره.
(89) الشيخ عبد الوهاب بن أحمد الشعراني، من فقهاء الحنفية ومن علماء المتصوفين، له مؤلفات كثيرة في الحديث والمواعظ والتراجم وغيرها من العلوم، توفي سنة 973، وله ترجمة في الشذرات 8: 372 وغيرها.
(١٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 ... » »»
الفهرست