قال علي بن حسين: فغيبني رجل منهم وأكرم نزلي واحتضنني وجعل يبكي كلما خرج ودخل حتى كنت أقول: إن يكن عند أحد من الناس وفاء فعند هذا، إلى أن نادى منادي ابن زياد: ألا من وجد علي بن حسين فليأت به فقد جعلنا فيه ثلاثمائة درهم.
قال: فدخل والله علي وهو يبكي وجعل يربط يدي إلى عنقي! وهو يقول: أخاف! فأخرجني والله إليهم مربوطا حتى دفعني إليهم وأخذ ثلاثمائة درهم وأنا أنظر إليها.
فأخذت فأدخلت على ابن زياد، فقال: ما اسمك؟ فقلت: علي بن حسين، قال: أولم يقتل الله عليا؟ قال: قلت: كان لي أخ يقال له علي أكبر مني قتله الناس، قال: بل الله قتله، قلت: الله يتوفى الأنفس حين موتها، فأمر بقتله، فصاحت زينب بنت علي بابن زياد: حسبك من دمائنا، أسألك بالله إن قتلته إلا قتلتني معه، فتركه.
قال: ولما أمر عمر بن سعد بثقل الحسين أن يدخل الكوفة إلى عبيد الله ابن زياد وبعث إليه برأسه مع خولي بن يزيد الأصبحي.
فلما حمل النساء والصبيان فمروا بالقتلى صرخت امرأة منهم: يا محمداه، هذا حسين بالعراء، مزمل بالدماء، وأهله ونساؤه سبايا، فما بقي صديق ولا عدو إلا أكب باكيا.
ثم قدم بهم على عبيد الله [63 / ب] بن زياد فقال عبيد الله: من هذا؟
فقالوا: زينب بنت علي بن أبي طالب! فقال: يكف رأيت صنع الله بأهل بيتك؟ قالت: كتب عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم وسيجمع الله بيننا وبينك وبينهم.
قال: الحمد لله الذي قتلكم وأكذب حديثكم، قالت: الحمد لله الذي أكرمنا بمحمد وطهرنا تطهيرا.
فلما وضعت الرؤوس بين يدي عبيد الله بن زياد جعل جعل يضرب بقضيب معه على في الحسين! وهو يقول: