قال: وخرج القاسم بن حسن بن علي وهو غلام هو عليه قميص ونعلان فانقطع شسع نعله اليسرى فحمل عليه [60 / أ] عمرو بن سعيد الأزدي فضربه فسقط ونادى: يا عماه، فحمل عليه الحسين فضربه فاتقاها بيده فقطعها من المرفق فسقط.
وجاءت خيل الكوفيين ليحملوه، وحمل عليهم الحسين فجالوا وطؤوه حتى مات، ووقف الحسين على القاسم فقال: عز على عمك أن تدعوه فلا يجيبك، أو يجيبك فلا ينفعك، يوم كثر واتره وقل ناصره، وبعدا لقوم قتلوك.
ثم أمر به فحمل ورجلاه تخطان الأرض حتى وضع مع علي بن حسين.
وعطش الحسين فاستسقى - وليس معهم ماء - فجاءه رجل بماء فتناوله ليشرب فرماه حصين بن تميم بسهم فوقع في فيه فجعل يتلقى الدم بيده ويحمد الله.
وتوجه نحو المسناة يريد الفرات، فقال رجل من بني أبان دارم: حولوا بينه وبينه الماء، فعرضوا فحالوا بينه وبين الماء وهو أمامهم، فقال حسين: اللهم أظمه.
ورماه الأباني بسهم فأثبته في حنكه، فانتزع السهم وتلقى الدم فملأ كفه، وقال: اللهم إني أشكو إليك ما فعل هؤلاء.
فما لبث الأباني إلا قليلا حتى رئي وأنه ليؤتى بالقلة أو العس إن كان ليروى عدة فيشربه فإذا نزعه عن فيه قال: اسقوني فقد قتلني العطش! فما زال بذلك حتى مات.
وجاء شمر بن ذي الجوشن فحال بين الحسين وبين قتله فقال الحسين:
رحلي لكم عن ساعة مباح فامنعوه من... لكم وطغامكم [60 / ب] وكونوا في دنياكم أحرارا إذا لم يكن لكم دين.
فقال شمر: ذلك لك يا بن فاطمة.
قال: فلما قتل أصحابه وأهل بيته بقي الحسين عامة النهار لا يقدم عليه أحد إلا انصرف حتى أحاطت به الرجالة، فما رأينا مكثورا قط أربط جأشا منه،