مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٠ - الصفحة ١٩
والذي أراه في حل المشكلة الأولى التأكيد على مدلول (ابن) السيرافي!
فإن إضافة (ابن) إنما جئ بها للتعريف، والتعريف بالإضافة إلى الأب (السيرافي) لا يصح إلا إذا كان الأب قد بلغ من الشهرة المبلغ الذي يعد أشهر من يحمل العنوان، فيعرف به من يضاف إليه (ابنا) كان أو (أخا) أو غيرهما، وهذا يعني: أن المشتهر يومذاك بالسيرافي كان هو الأب، لا الابن الذي حضر الشريف مجلسه، وهذا لا يصح إلا إذا كان الأب أبو سعيد السيرافي نفسه، لا أبوه بهزاد المجوسي الذي عاش في سيراف، والذي أسلم وسماه ابنه عبد الله، عاش مغمورا ومات مغمورا، ولو لم يبلغ ابنه أبو سعيد ما بلغه لم يسمع بذكره أحد. وبهذا يكون الذي حضر عنده الشريف ابن أبي سعيد السيرافي أبا محمد، لا هو نفسه.
وليست المشكلة تدور حول قصر السن أو قلة الذكاء، فإنه لا مناقشة في شدة ذكاء الشريف وحدة فطنته، وقصر سنه لم يمنعه من الحضور على الشيخ المفيد - كما سيأتي - وسيأتي أن عمره كان يومذاك في حدود السادسة.
ولم أجد فيما أملك من المصادر قراءة ابن جني على أبي سعيد السيرافي، وإنما الذي تتفق المصادر كلها عليه أنه قرأ على أبي علي الفارسي، في صحبة دامت أربعين سنة، صحبه في أسفاره، وخلا به في مقامه (16)، ويذكر ابن ماكولا أن ابن جني (سمع جماعة من المواصلة والبغداديين) (17)، إلا أن أحدا لم يذكر أنه كان فيهم أبو سعيد السيرافي.
ولا نملك أي حجة تدلنا على قراءة الشريف على السيرافي، سواء أكان الأب أم الابن، سوى ما تدل عليه هذه النادرة، وهي لا تدل إلا على أنه حضر مجلس الابن دون الأب، وبهذا لا أجد أي مبرر لما احتاط الدكتور الحلو في رأيه حينما ارتأى أن الشريف قرأ على الأب، وأضاف: (وهذا لا يدفع أنه ربما استفاد من علم ولده يوسف).

(٦) إنباه الرواة: ٢ / ٣٣٦، ياقوت: ٥ / ١٨ - ١٩، ابن خلكان: ٣ / ٢٤٦ البلغة في تاريخ أئمة اللغة / ١٣٧، نزهة الألباء / ٣١٥، ٣٣٣، سير أعلام النبلاء: ١٦ / ٣٨٠، ١٧ / ١٨، بغية الوعاة: ٢ / ١٣٢، روضات الجنات، ٥ / ١٧٦، ١٧٧، ١٨٠.
(١٧) الاكمال: ٢ / ٢٨٥، الأنساب: ٣ / 316.
(١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 ... » »»
الفهرست