فهي من قبيل المجاز " المحقق "، إن جاز مثل هذا التعبير، بمعنى: أنها صيرت حقيقة، بعد ما كانت أساسا مجازا، حيث هي أحد مصاديق طيب الإقامة.
وعليه، فالفرق بين أريكة المجاز المحقق، وفعل أروك الإقامة، إنما هو من قبيل الفرق بين المفهوم والمصداق، كما هو متعارف بين الأصوليين والمناطقة.
ليس هذا فقط، وإنما وصل الحال عند من يعيش عيشة الأرائك، أن اضرب عنده عن ذلك المعنى المجازي ونسي، بل تسنم مرتبة الحقيقي، بينما ذلك الفعل الحقيقي، تسافل مع الأيام عن واقعه الأصلي، ليعيش غريبا في ذمة التراث.
- 8 - وأما المعنى المجازي، في أرائك القرآن الكريم، تلك التي أعدت للمتقين، فهو الذي سيصار به إلى حقيقة الحقيقة.
وهذا هو بيت القصيد، حيث يركز كتاب الله، على ذلك الحلم، الذي سيكون حقيقة، فتكون الأرائك حيالها:
أرائك، نعم الثواب...
أرائك، لم شمل الأحبة...
أرائك، نظرة النعيم...
أرائك، لا شمس ولا زمهرير...
أرائك، استعراض التثويب...
بل، تلك هي الأرائك المطمح، والتي تتصاغر عندها أرائك الملوك وأرباب الملوك وحفدة الملوك، ومن تشبه بهم...
وتنكسف قبالها: كل الألوان المبهرجة، والأضواء المزيفة، كل ما يمت إلى هذه الحياة - أعني غير المشروعة - الدنيا بصلة.
فتستريح عندها الأوردة المذبوحة ظلما، والقلوب المتعبة قسرا، والكرامات المهدورة تجبرا، والأعصاب المرهقة عدوا.
وإنما هي ظلال ونسائم وأحاديث الحبيب.
وعندها يحلو وصل الحبيب، حبيب الرحمن.