أما الجملة الأولى: فمعية علي للقرآن لا تخلو من أحد معان ثلاث:
الأول: أن عليا متحمل للقرآن حق التحمل، وعارف به حق المعرفة.
وتضلع علي بالقرآن وعلومه مما سارت به الركبان، فقد حاز السبق في هذا الميدان، بمقتضى ظروفه الخاصة التي أشرنا إلى طرف منها قبيل هذا.
وقد تضافرت الآثار المعبرة عن ذلك وأعلن هو عليه السلام عنه، كنعمة منحها الله إياه، تحديثا بها، وأداء لواجب شكرها، وقياما بواجب إرشاد الأمة إلى التمسك بحبل القرآن، ومنعها عن الانحراف والطغيان، فورد في الأخبار أنه نادى خطيبا على المنبر:
سلوني، فوالله لا تسألوني عن شئ إلا أخبرتكم، سلوني عن كتاب الله فوالله ما من آية إلا وأنا أعلم بليل نزلت أم نهار، أم في سهل أم في جبل.
[الخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه ج ص، والحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل (ج 1 ص 30 - 31 الفصل 4)، والمحب الطبري في الرياض النضرة (ج 2 ص 262)، وابن عبد البر في الإستيعاب (ج 2 ص 509)، وجامع بيان العلم (ج 1 ص 114)، والخوارزمي في المناقب (ص 49)، وابن حجر في تهذيب التهذيب (ج 7 ص 7 - 337)، وفتح الباري شرح البخاري (ج 8 ص 485)، والسيوطي في تاريخ الخلفاء (ص 185)، وفي الإتقان (ج 2 ص 318 - 319) الطبعة الأولى] وقال عليه السلام: والله، ما نزلت آية إلا وقد علمت فيم أنزلت! وأين أنزلت! إن ربي وهب لي قلبا عقولا ولسانا سؤولا.
[ابن سعد في الطبقات الكبرى (ج 2 ص 338)، والحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل (ج 1 ص 33)، وأبو نعيم في حلية الأولياء (ج 1 ص 68)، والخوارزمي في المناقب (ص 46)، والكنجي الشافعي في كفاية الطالب (ب 52 ص 208)، وفي الصواعق المحرقة لابن حجر (ص 86)] وقد أقر أعلام الصحابة وكبار الخطاب، قال: علي أعلم الناس بما أنزل على محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
[شواهد التنزيل (ج 1 ص 30)]