فقال: إن الله عز وجل مقلب القلوب والأبصار، ولكن قل كما أقول: يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك (1).
وهذا - كما ترى - منتهى الأمانة في النقل، وغاية الحيطة في ضبط النص فالإمام عليه السلام لم يرض بإضافة كلمة واحدة يقبلها السياق، وليس فيها محذور.
والحال أن ضبط النص من مهمات الأمور، ومن مقتضيات الأمانة العلمية، فرب لفظة حذفت أو زيدت أو حرفت، فكانت النتيجة إباحة دماء، واستحلال محارم (2).
فالنص أمانة بين يدي محققه، وليعلم أن الكتاب عند مؤلفه كولده وفلذة كبده.. فهل تراه يرضى بتحريفه وتصحيفه، أو تبديله وتغييره؟!
وكان علم الحديث الشريف أهم حافز لعلمائنا رحمهم الله على ممارسة هذا الفن - وإن لم يسموه باسمه المعروف الآن - وعلى البلوغ به مستوى عاليا دونه كل الأعمال التي ظهرت عند الآخرين بعد فترة طويلة من الزمان.
فكان التحقيق في ضبط نصوص الأحاديث، والحيطة فيها وعليها، بحيث شاعت مصطلحات خاصة... سماع، إجازة، مقابلة بلاغ... وشاع إثبات ما في النسخ الأخرى أو الروايات الأخرى في هامش الحديث الشريف إن اختلفت في لفظه ولو كانت تلك اللفظة (واو) العطف أو (أو) التخيير، أو كانت زيادة نقطة على الحرف أو إهمالها.
وانتقل هذا الفن إلى العلوم الأخرى، فكان لضبط النص - أدبيا كان أم علميا - أهمية - عند علمائنا - بالغة.
وأودعك أخي القارئ على أمل اللقاء في حلقة أخرى من هذا البحث تطرق جوانب أخرى من هذا الفن الواسع المتع...
للبحث صلة...