يعيش في جو مادي، وأخرى في جو صراع وتناقض، ومع ذلك كله، فحرية الإنسان وسيادته على كل الأحاسيس والعوامل، فوق كل شئ، فله أن يزيل تأثير العوامل، من أساس، أو يعدل أثرها، أو يربيها على أشد وجه.
والعجب أن المادي ضرب على الأبعاد الأربعة التي اكتشفها العلم بقلم عريض وتمسك بالعوامل الثلاثة المكونة للشخصية واستنتج منها الجبر.
وفي نهاية المطاف نقول: إن المادي الذي يتبنى الجبر، فإنه غطاء وواجهة، للحرية في العمل، والغور في الشهوات، والانحلال عن القيود الأخلاقية التي فرضتها عليه بيئته، فهو يريد الحرية السائدة كالوحوش في الغابات لكن بغطاء الجبر.
وأدل دليل على أنهم يلوكون الجبر في ألسنتهم وليس في قلوبهم ثمت شئ، أنهم في الحياة الاجتماعية يتعاملون مع الناس، بالاعتقاد بالاختيار، فلأجل ذلك يشتكي على من تجاوز حقه ولو ضربه، ينتقم منه من دون أن يلتفت إلى أن فعله رهن شخصيته المكونة بأيدي عوامل خارجة عن الاختيار. كل ذلك يرشدنا إلى أن الاعتقاد بالحرية عجين روحه ويشكل السدى واللحمة من ذاته، وأن التفوه بالجبر والتسيير، أفكار مستوردة