في ظل أصول الإسلام - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٢٥٠
محمد إرفع رأسك واشفع تشفع، فأرفع رأسي فأقول: يا رب أمتي يا رب أمتي، يا رب أمتي... " (1).
إن التوسل بالأنبياء والأولياء ليس بملاك جسمانيتهم فإنهم وغيرهم في ذلك المجال سواسية، وإنما يتوسل بهم بروحانيتهم العالية وهي محفوظة في حال الحياة وبعد الارتحال إلى البرزخ وإلى الآخرة.
فالتفريق في التوسل بين الحياة والممات تنشأ من نظرة مادية تعطي الأصالة للجسم والمادة ولا تقيم للمعنى والروحانية وزنا ولا قيمة.
فالنبي الأكرم مدار الفضائل والكمالات وهو يتمتع بأروع الكرامات وكلها ترجع إلى روحانيته ومعنويته القائمة المحفوظة في جميع الحالات.
فما هذا التفريق بين الحياة المادية والبرزخية والأخروية؟
فمن اتخذ الأنبياء والأولياء وغيرهم ممن باتوا لربهم سجدا وقياما أسبابا حال حياتهم أو بعد مماتهم، وسائل لقضاء حوائجهم ووسائط لجلب الخير ودفع الشر، لم يحيدوا عما تهدف إليه الشريعة ولم يتجاوزوا الخط المشروع ولم يتعدوا مقصود الرسالة النبوية وغاياتها.
فالأسباب لا يمكن إنكارها، ولا يعقل تجاهلها، ولا يتأتى جحودها لأنه تعالى هو الذي خلق الأسباب والمسببات ورتب النتائج على المقدمات، فمن تمسك بالأسباب فقد تمسك بما أمر الله سبحانه (2).
إلى هنا تم بيان أقسام التوسل ودلائل جواز الجميع.

(١) صحيح البخاري ٦: ١٠٦، صحيح مسلم ١: ١٣٠، مسند أحمد 2: 412.
(2) التوسل والزيارة للشيخ محمد الفقي المصري: 161.
(٢٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 ... » »»