رسالتان حول العصمة - الشيخ الصافي - الصفحة ٧٦
ويحركه ويصير داعيا له فيطلب منه ذلك بالطلب الحقيقي والإرادة الجدية وضرب منهما ما يعلم المريد من حال المراد منه أنه لا يتأثر بأمره فيحكم بأمره أو نهيه بما ينبغي أن يفعل أو لا يفعل وينشأ ما يصلح أن يكون داعيا له ولكن لا طلب له حقيقيا في هذه الصورة ولا يريد انبعاث المأمور بهذا الأمر بالإرادة الجدية بل لا يصح إطلاق الطلب والإرادة على ذلك بنحو الحقيقة إلا مجازا وبالتمحل بخلاف الأول فإن إطلاق الطلب والإرادة وأنه مريد وطالب يكون على نحو الحقيقة.
وعلى هذا نقول: إن الإرادة المذكورة في الآية وإن كانت تشريعية إلا أنها من النوع الأول الذي أراد الآمر والناهي بالإرادة الجدية والطلب الحقيقي انبعاث المأمور وأمره ونهيه يصدر منه بداعي انبعاثه وصراحة الآية في ذلك وإن الإرادة المذكورة جدية وليست من النوع الثاني في غاية الوضوح.
وإن أبى المعاند عن كل ذلك أيضا، وقال: إن الإرادة التشريعية عامة تشمل جميع المكلفين المطيعين والعاصين على السواء، قلنا لا تنازع في الألفاظ والأسماء والاصطلاحات، وقد قيل من قديم لا مشاحة في الاصطلاح فعرف الإرادة التشريعية بما شئت، وقل إن الإرادة التشريعية هي جعل ما يصلح لأن يكون داعيا للعبد أو زاجرا، وإنشاء ما له قابلية الداعوية وبعث العبد نحو الفعل أو الترك.
إلا أنك تعلم أن هذا مجرد اصطلاح ولا يحصر مفهوم الإرادة في ذلك ولا ينفى ما هو واقع الأمر وهو أن المولى إذا علم من حال عبده أنه ينبعث بأمره ويتحرك بإرادته التشريعية يطلب منه ما أمره به بالطلب
(٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 71 72 73 74 75 76 77 78 79 81 82 ... » »»
الفهرست