وهذا هو الخطأ الأول، فكيف يكون ما نزل سنة تسع من الهجرة مقدما على ما نزل سنة ست؟!
وأما الخطأ الثاني فليس بأقل ظهورا من الأول: فآية سورة الفتح النازلة في الحديبية في السنة السادسة قد جاء فيها الأخبار عن وقوع الدعوة، وتعليق الثواب والعقاب بالطاعة والعصيان منهم، فنص الآية يقول:
(ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد...) وقد وقعت الدعوة منه صلى الله عليه وآله وسلم حقا في حنين ومؤتة وتبوك.
أما آية سورة التوبة في المخلفين المنافقين فقد أغلقت عليهم طريق التوبة ومنعت خروجهم مع النبي ومع غيره أيضا، إذ كيف يدعوهم أبو بكر أو عمر إلى جهاد الكفار وهم قد شهد عليهم الله ورسوله بالكفر والموت على الضلال؟! فقال تعالى في تلك الآية نفسها: ﴿فإن رجعك الله إلى طائفة منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا إنكم رضيتم بالقعود أول مرة فاقعدوا مع الخالفين * ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون﴾ (١).
وهذا صريح في حكم الله تعالى عليهم بالكفر وقت نزول الآيات، وأنهم يموتون على الكفر والضلال، وأكد ذلك بقوله في الآية التالية مباشرة: ﴿ولا تعجبك أموالهم وأولادهم إنما يريد الله أن يعذبهم بها في الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون﴾ (2).