شديد تقاتلونهم أو يسلمون فإن تطيعوا يؤتكم الله أجرا حسنا) (1). فقد جعل الداعي مفترض الطاعة، والمراد به أبو بكر وعمر وعثمان، فوجبت طاعتهم بنص القرآن، وإذ قد وجبت طاعتهم فرضا فقد صحت إمامتهم وخلافتهم (2). والصحيح الذي يوافق تاريخ نزول الآية الكريمة، ويوافق الوقائع، هو ما ذكره الرازي من أن الداعي هو النبي صلى الله عليه وآله وسلم (3)، إذ كانت الآية المذكورة نازلة في الحديبية بلا خلاف، وهي في سنة ست للهجرة، وبعدها غزا النبي هوازن وثقيف وهم أولو بأس شديد، في وقعة حنين الشهيرة وذلك بعد فتح مكة في السنة الثامنة للهجرة، وفتح مكة هو الآخر دعوة إلى قتال قوم أولي بأس شديد قاتلوا الإسلام وأهله حتى أظهره الله عليهم في الفتح، ثم كانت غزوة مؤتة الشديدة، ثم غزوة تبوك وهي المعروفة بجيش العسرة، التي استهدفت محاربة الروم على مشارف الشام، ثم دعاهم مرة أخرى لقتال الروم في جيش أسامة الذي جهزه وأمر بإنفاذه وشدد على ذلك في مرضه الذي توفي فيه.
فكيف يقال إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يدعهم إلى قتال بعد نزول الآية؟!
ولأجل الفرار من هذا المأزق ذهبوا إلى آية سورة التوبة النازلة في المخلفين: (فإن رجعك الله إلى طائفة منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا إنكم رضيتم بالقعود أول مرة فاقعدوا