صبغة الإجماع، بحجة أنه لم يكن لينفذ في عهدهم إلا بإجماعهم عليه، أو إقرارهم إياه.
وبهذا تنكرنا لحقيقة أن القرار النافذ كان يبتلع كل ما صادفه من أصوات المخالفين والمنكرين، ولا يلقي لها بالا، وهذا هو الغالب على كل ما يتصل بالخلافة والمواقف السياسية الكبرى.
فماذا أغنى اعتراض بني هاشم ومن معهم من المهاجرين والأنصار على نتائج السقيفة؟!
وما أغنى إنكار الصحابة على أبي بكر يوم استخلف عمر؟!
وما أغنى إنكار الصحابة سياسة عثمان في قضايا كثيرة كتقديمه بني أمية على خيار الصحابة مع ما كان عليه أولئك من حرص على الدنيا وبعد عن الدين؟!
ثم لم يشتد هذا الإنكار ويعلو صداه حتى تغلب على شؤون الأمة والخليفة غلمان بني أمية ممن اتفق الكل على أنه لم يكن معهم من الدين والورع لا كثير ولا قليل، كمروان بن الحكم وعبد الله بن سعد بن أبي سرح والوليد بن عقبة، ومعاوية.
ومع هذا فلم يكن إنكارهم عندنا حجة، بل كانوا به ملومين!
فمتى إذن كان إنكار الصحابة حجة، ليكون سكوتهم إقرارا؟!
فإذا كانت الخطوة الأولى في التراجع عن مبدأ الشورى هي القبول بتسليم الأمر إلى الخليفة القائم ليستخلف بعده من يشاء، فإن الخطوة الثانية كانت خطوة مرة حقا.