خلاصة علم الكلام - الدكتور عبد الهادي الفضيلي - الصفحة ٢٦
والذي يظهر لي ان التعريف بالتحيز جاء مما يذهب اليه جمهور المتكلمة، من أن الجوهر هو الجسم - كما سيأتي -، ومن خصائص الجسم التحيز.
ومن هنا ندرك ان استغراب السيد الشهرستاني في تعليقته على تعريف الشيخ المفيد في (النكت الاعتقادية) للجوهر بالمتحيز استغراب في غير موضعه.
اما التعريفات الأخرى التي أخذت في تحديد الجوهر وجوده لا في موضوع، فهي آتية مما ذهب اليه الحكماء من أن الجوهر ليس الجسم فقط، وانما هناك العقل والنفس والصورة والهيولي اقساما أخرى للجوهر، وفيها ما هو غير متحيز.
وقد يلاحظ هنا ان التعريف الكلامي القائل: ان الجوهر هو الذي يوجد قائما بذاته ربما كان متأثرا بتعريف الحكماء، وهو من الخلط أو التداخل الذي نراه غير قليل في كتابات المتكلمين، وربما لأن من المتكلمة من يقسم الجوهر إلى: جسم، وجوهر فرد (وهو الجزء الذي لا يتجزأ، الذي يتألف منه الجسم)، والجوهر الفرد لا يتحيز لخلوه من الابعاد الثلاثة (الطول والعرض والعمق) فأراد أن يعطي التعريف الشمولية له.
العرض:
الذين عرفوا الجوهر بأنه المتحيز، عرفوا العرض بأنه الحال بالمتحيز. ومن عرف الجوهر بأنه المتحيز لذاته، عرف العرض بالمتحيز تبعا لغيره.
ومن قال: ان الجوهر هو الذي يوجد قائما بذاته، قال: العرض: هو الذي لا يوجد قائما بذاته.
والحكماء الذين عرفوا الجوهر: هو الموجود لا في موضوع، عرفوا العرض بالموجود في موضوع.
والآخرون الذين عرفوا الجوهر بما استغنى في وجوده عن الموضوع، عرفوا العرض بما افتقر في وجوده إلى موضوع. ونخلص من هذا إلى أن تعريف الجوهر كلاميا هو: الموجود القائم بذاته كالأجسام.
والعرض هو الموجود القائم بغيره كالألوان القائمة بالأجسام.
(٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 20 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 ... » »»