الجبال لم يقع. ولو كان من فعل غيره فيه لكان جهله وعلمه وقلة قدرته وكثرتها بمنزلة واحدة.
وهذا يدل على أن أفعالهم حادثة من قبلهم.
وأيضا فلأنهم يمدحون على الحسن من فعلهم، وعلى القبيح يذمون، فيلزمنا أن نمدح من يفعل الواجب ونذم من يفعل الظلم والسرقة، ولا يحسن منا مدح على كونه وهيئته، ولا ذمه على طوله وصورته..
وذلك من أول الدلالة على أن هذه الأفعال من جهته.
وأيضا نحتاج في هذه الأفعال إلى آلات وقدر وارتفاع الحواجز، لأنه إذا أراد الرمي والإصابة فلا بد له من قوس وآلة، وأن لا يكون بينه وبين المرمى حاجز، وأن يكون عالما، وأن يكون قويا ليبلغ الرمي بشدة اعتماده.
ولو كان من فعل الله تعالى لما احتاج إلى ذلك لأنه تعالى فيما يفعله لا يحتاج إلى هذه الأمور، تعالى الله عن ذلك.
وأيضا فلأن فاعل ذلك مذموم ناقص سخيف في العقول ظالم، فإن كان تعالى هو الفاعل لكل ظلم لوجب ذمه وأن يوصف بأنه ظالم، وهذا كفر من قائله، لأن الأمة بأسرها تقول ان من وصف الله بأنه ظالم فقد كفر، لا بالقول لكن بالمعنى، ومعناه أنه فعل الظلم، فمن قال ذلك فهو كافر إذا.
وأيضا فلو كانت هذه الأفاعيل الله خلقها، لبطل الأمر والنهي وبعثة الأنبياء والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقبحت المسألة والمحاسبة والمعاقبة، لأنه تعالى لا يجوز أن يأمر بما لا يفعله وينهى عما خلقه.
والنبي كيف يدعو الكفار إلى العدول عن الكفر إلى الايمان والله تعالى هو الخالق للكفر فيهم والمانع لهم عن الايمان؟!
ومن يأمر بالمعروف كيف يأمر به والمعروف ليس من فعله؟!
وكيف ينكر المنكر وانما خلقه فيه؟!