فأدرت طرفي فيهن فلم أر جارية عليها أثر غير سوسن.
قالت حكيمة: فلما أن صليت المغرب والعشاء الآخرة أتيت بالمائدة فأفطرت أنا وسوسن، وبايتها في بيت واحد، فغفوت غفوة ثم استيقظت، فلم أزل مفكرة فيما وعدني أبو محمد عليه السلام من أمر ولي الله عليه السلام، فقمت قبل الوقت الذي كنت أقوم في كل ليلة للصلاة فصليت صلاة الليل حتى بلغت إلى الوتر، فوثبت سوسن فزعة وخرجت فزعة (1) وأسبغت الوضوء، ثم عادت فصلت صلاة الليل وبلغت إلى الوتر، فوقع في قلبي أن الفجر قد قرب فقمت لأنظر فإذا بالفجر الأول قد طلع، فتداخل قلبي الشك من وعد أبي محمد عليه السلام!
فناداني من حجرته: لا تشكي! وكأنك بالأمر الساعة قد رأيته إن شاء الله تعالى.
قالت حكيمة: فاستحييت من أبي محمد عليه السلام مما وقع في قلبي، ورجعت إلى البيت وأنا خجلة، فإذا هي قد قطعت الصلاة وخرجت فزعة فلقيتها على باب البيت، فقلت: بأبي أنت وأمي! هل تحسين شيئا؟ قالت: نعم يا عمة! إني لأجد أمرا شديدا. قلت: لا خوف عليك إن شاء الله تعالى، وأخذت وسادة فألقيتها في وسط البيت وأجلستها عليها، وجلست منها حيث تقعد المرأة من المرأة للولادة، فقبضت على كفي وغمزت غمزة شديدة، ثم أنت أنة وتشهدت، ونظرت تحتها فإذا أنا بولي الله صلوات الله عليه متلقيا الأرض بمساجده، فأخذت بكتفيه فأجلسته في حجري، فإذا هو نظيف مفروغ منه.